شفاءُ عياضٍ للقلوبِ شفاءٌ ... فليسَ بِفَضْلٍ قد حواهُ خَفاءُ
هَدِيَّةُ برٍّ لم يكن لجزيلها ... سوى الأجر والذِّكر الجميل كِفاءُ
وفا لنبيِّ اللهِ حقَّ وفائِهِ ... وأكرِمُ أوصافِ الكِرامِ وفاءُ
وجاء بهِ بحرًا يقول بفضلِهِ ... على البَحرِ طَعمٌ طيِّبٌ وصَفاءُ
وحق رسول الله بعد وفاته ... رعاه، وإغفالُ الحقوق جَفاءُ
هو الذخر يغني في الحياة عَتاده ... ويُتْرَكُ منه للبنينَ رَفاءُ
هو الأثَرُ المحمودُ ليس ينالُه ... دثور، ولا يَخْفَى عليه خَفاءُ
حرصت على الإطناب في نشر فضله ... وتمجيده، لو ساعَدَتْني فاءُ
وقلت في الضراعة:
مولاي إنْ أذنبتُ يُنْكَرُ أنْ يُرَى ... مني الكمال وعنكم النُّقْصَانُ
والعفو عن سَبب الذنوب مُسَبَّبٌ ... لولا الجِنايةُ لم يكُن غُفرانُ
وقلت في معنى التورية الطبية بالدواء المسمى دم الأخوين في شأن السلطان الحائن وأخيه، وشأن ذلك الدَواء النَّفع من الجراح:
بإسماعيلَ ثم أخيه قيسٍ ... تأذَّنَ ليلُ هَمِّي بانْبِلاجِ
دَمُ الأخوَيْنِ داوَى جُرْحَ قَلْبي ... وعالَجَني وَحَسْبُكَ مِنْ عِلاَجِ
وخاطبت السيد الفقيه أبا عبد الله بن مرزوق في الغرض المعروف موطِّئًا على بيت المشارقة في العِذَار:
أما والَّذي تُبْلَى لَدَيهِ السَّرائِرُ ... لما كُنْتُ أرضى الخَسْفَ لولا الضَّرائِرُ
غَدَوْتُ لِضَيْمِ ابن الرَّبيبِ فريسةً ... أما ثارَ من قومي لِنَصْري ثَائِرُ
إذا التمسَتْ كَفِّي لديه جِرايتي ... كأنِّي جانٍ أوْبَقَتْه الجرائر
وما كان ظنِّي أنْ أنالَ جِرايةً ... يُحكَكَّمُ مِنْ جَرَّائِها فيَّ جَائِرِ
متى جادَ بالدِّينارِ أخْضَرَ زائفًا ... ودارَتُهُ دارَتْ عليها الدوائر
وقد أخرج التعنيتُ كيسَ مرارتي ... ورقَّتْ لِبَلوايَ النُّفُوسُ الأخاير
تَذَكَّرتُ بيتًا في العِذَار لِبَعْضِهِم ... له مَثَلٌ بالحُسْنِ في الأرض سائر:
) وما اخضرّ ذاك الخَدّ نَبْتًا وإنما ... لكَثْرة ما شُقّتْ عَليْهِ المَرَائِر (
وجاهُ ابن مرزوقٍ لديَّ ذخيرةٌ ... وللشدَّةِ العُظْمى تُعَدُّ الذَّخائِر
ولو كان يدري ما دَهاني لَساءَهُ ... وأَنْكَرَ ما صارت إليه المَصَايرِ
وخاطبت أحد الشرفاء الكرام بقولي:
أعْيا اللِّقاء عليَّ إلاَّ لَمْحَةً ... في جُمْلَةٍ لا تَقْبَل التفصيلا
فجعلت بابَكَ عن يمينك نائبًا ... أُهْدِيهِ عند زيارتي تَقبيلا
فإذا وَجَدْتُكَ نِلْتُ ما أَمَّلْتُهُ ... أو لم أَجِدْكَ فقد شَفيتُ غَليلا
وفي مخاطبة مولاي السلطان أبي سالم إبراهيم، أيده الله، في سبيل الشكر:
سَمِيَّ خليل الله أحْيَيْتَ مُهْجَتِي ... وعاجَلَني منك الصَّريخُ على بُعْدِ
فإنْ عِشْتُ أُبْلِغْ فيكَ نَفْسي عُذْرَها ... وإنْ لَم أَعِشْ فالله يَجْزيكَ من بعدي
وقلت في أسلوب التغزل، وما أبعده عني في الوقت والحمد لله:
أصْبَحَ الخَدُّ منك جَنَّةَ عَدْنٍ ... مُجْتَلَى أَعْيُنٍ وشَمَّ أُنُوفِ
ظَلَّلَتْها مِنَ الجُفُونِ سُيُوفٌ ... جَنَّةُ الخُلْدِ تحت ظلِّ السُيوفِ
وقلت أيضًا:
يا مَنْ بِأكنافِ فؤادي رَبَعْ ... قد ضاقَ بِي في حُبِّكَ المُتَّسَعْ
ما فيكَ لِي جَدْوَى ولا أرْعَوِي ... شُحٌّ مُطَاعٌ وهَوىً مُتَّبَعْ
ومن النثر ما خاطبت به الفقيه الفاضل صاحب قلم الإنشاء أبا زيد بن خلدون مُدْرَجًا في طَيِّ كتابٍ أهنيه بزيادة ولد تعرفت أنه طَلَع له: ورد البشير بالإبلال، مقارنًا لخبر الاعتلال، وتألُّم ذلك الجلال، فكانت رحمة لقيت عذابًا، وعُتبى نسخت عتابًا، وذنبًا من الدهر أتبعه متابًا، فالحمد لله الذي أقال، وفكّ من الوَعْك العِقال، وأدَرّ من الرحمة السُّحُبَ الثِّقال، وأقرّ الحال وقد عَرَفت الانتقال، وهل أنت - أعزَّك الله - إلا عين تألُّمها عزيز ولها على الجوارح بالفضل تمييز، فالله ﷿ يُعقب القوة والناط، والتمتعَ والاغتباط ولله دَرُّ الشاعر:
1 / 31