Nubdha Mushira
النبذة المشيرة إلى جمل من عيون السيرة
Genres
قال الراوي: فضحك الإمام كثيرا، ثم قال: هو والله كما ذكر الشيخ مملوء علما أو كما قال، وكان هذه صفة مجالس إملائه رحمه الله يجعل أهل النسخ حلقة واسعة، وصغارهم بين أيديهم، ثم يقعد في وسطهم جاعلا من وراء ظهره أقرب إليه من أمامه، ويملي عليهم كأنما يغرف من بحر، ولا يفتح كتابا، وكذا حال إملاء القاضي عامر رحمهم الله، وكان في القاضي سعيد زهد خفي، وورع شحيح، يروى أنه لم يأكل من مال أبيه لما كان من عرفاء الدولة الظالمة، وكان رفيقا بالطلبة مفيدا كثير الدعاب لهم، من ذلك أن الترك أقمأهم الله غزوا بلده هجرة شوكان، وقتلوا جماعة منهم من إخوته وأولادهم، وقبضوا من أولاده أحدهم القاضي العلامة أحمد بن سعيد، والقاضي أحمد بن عامر، وهو ابن أخته، فعزى الطلبة ولم يقطع القراءة (وهو إذ ذاك في بلاد الحيمة) ، ولما رأى بكاءهم حلف مازحا معهم أن هذا الذي اتفق أشق ما لقيت ولا يرضيني، فلما ضحكوا من سعة صدره وكلامه بهذا في تلك الحال، قال: إخترتم موالاة أهل البيت ولا يصيبكم ما أصابهم، ثم أخذ يسليهم ببعض ما لقي أهل البيت عليه السلام، وله أخبار طريفة حسنة، توفي رابع وعشرين من شهر شوال سنة ثمان وثلاثين وألف [16 يونيو 1629م]، وقبره بالسرار بشهارة معروف رحمة الله عليه ورضوانه.
Page 320