214

Al-Lubāb fī ʿulūm al-kitāb

اللباب في علوم الكتاب

Editor

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Publisher Location

بيروت / لبنان

Genres

وعلى كل واحد من هذين التقديرين إشكال؛ لأن تقديره متصلًا يلزم منه اتصال الضَّمير مع اتحاد الرُّتبة، وهو واجب الانفصال، وتقديره منفصلًا يمنع حذفه؛ لأنَّ العائد متى كان منفصلًا امتنع حذفه، نصُّوا عليه، وعللوا بأنه لم يفصل إلا لغرض، وإذا حذف فاتت الدلالة على ذلك الغرض.
ويمكن أن يجاب عن الأوّل بأنه لما اختلف الضَّميران جمعًا وإفرادًا - وإن اتحدا رتبةً - جاز اتصاله؛ ويكون كقوله: [الطويل]
١٢٦ - فَقَدْ جَعَلَتْ نَفْسِي تَطِيبُ لِضَغْمَةٍ ... لِضَغْمِهمَاهَا يَقْرَعُ الْعَظْمَ نَابُهَا
وأيضًا فإنه لا يلزم من منع ذلك ملفوظًا به منعه مقدّرًا لزوال القُبْحِ اللفظي.
وعن الثَّاني: بأنه إنما يمنع لأجل اللَّبْسِ موصوفةً، والكلام في عائدها كالكلام في عائدها موصولةً تقديرًا واعتراضًا وجوابًا.
الثَّالث: أن تكون مصدريةً، ويكون المصدر واقعًا موقع المفعول أي: مرزوقًا.
وقد منع أبو البقاء هذا الوَجْهَ قال: «لأنَّ الفعل لا يتفق»، وجوابه ما تقدّم من أنّ المصدر يراد يه المفعول. والرزق لغة: العَطَاء، وهو مصدر؛ قال تعالى: ﴿وَمَن رزقناه مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا﴾ [النحل: ٧٥] وقال الشَّاعر: [البسيط]
١٢٧ - رُزِقْتَ مَلًا وَلَمْ تُرْزَقْ مَنَافِعَهُ ... إِنَّ الشَّقِيَّ هُوَ الْمَحْرُومُ مَا رُزِقَا
وقيل: يجوز أن يكون «فِعْلًا» بمعنى «مفعول» نحو: «ذِبْح»، و«رِعْي» بمعنى: «مَذْبوح»، و«مَرْعيّ» .
وقيل: «الرِّزْق» - بالفتح - مصدر، وبالكسر اسم، وهو في لغة أزد شنوءة: الشّكر، ومنه: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: ٨٢] .
وقال بعضهم: ويدخل فيه كل ما ينتفع به حتى الولد والعَبْد.
وقيل: هو نصيب الرجل، وما هو خاص له دون غيره.
ثم قال بعضهم الرزق كل شيء يؤكل أو يستعمل، وهو باطل؛ لأن الله - تعالى - أمرنا بأن ننفق مما رزقنا فقال: ﴿وَأَنفِقُواْ مِن مَّا﴾ [المنافقون: ١٠]، فلو كان الرزق هو الذي يؤكل لما أمكن إنفاقه.

1 / 291