100

Not Provided

اللباب في علوم الكتاب

Investigator

الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ -١٩٩٨م

Publisher Location

بيروت / لبنان

Genres

العبدِ، أَوْ عَلَى نفسه، فغن كان الأول وجب كونُ العبدِ قادرًا على الفِعْلِ؛ وذلك يُبْطِلُ القول بالجَبْرِ. وإنْ كان الثاني كان معناه أن الله تعالى يجب عليه أن يحمد نَفْسَهُ؛ وذلكَ بَاطِلٌ، قالوا: فثبت أَنَّ القولَ لا يصحُّ إلا على قولنا. فَصْل هل وجب الشكر يثبت بالعقل أو الشرع؟ اختلفوا في أَنَّ وُجُوبَ الشُّكْرِ ثابِتٌ بالعَقْلِ أَوْ بالسَّمْعِ. مِنَ الناس مَنْ قال: إنه ثابِتٌ بالسَّمْعِ، لقوله ﵎: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾ [الإسراء: ١٥]، ولقوله ﵎: ﴿رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرسل﴾ [النساء: ١٦٥] . ومِنْهم من قال: إنه ثَابِتٌ قبلَ مَجيء الشرع، وبعد مجيئه على الإطلاقِ؛ والدليلُ عليه قولُه ﵎: «الحَمدُ للهِ» وبيانه من وجوه: الأولُ: أَن قولَه تعالى: «الحمدُ لله» يدلُّ على أن هذا الحمدَ حَقُّهُ، وملكُه على الإطْلاَقِ، وذلك يدل على أنّ ثبوت هذا الاستحقاقِ كان قبل مَجِيء الشرْع. الثاني: أنه تعالى قال: ﴿الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين﴾ [الفاتحة: ٢]؛ وقد ثَبَتَ في [أصُول] الفِقْهِ أَنَّ تَرْتِيبَ الحُكْمِ على الوَصْفِ المناسِبِ، يَدُلُّ على كونِ الحُكْمِ مُعَلِّلًا بذلك الوصف، فها هنا أثبتَ الحَمْدَ لنفسه، ووصف نَفْسَهُ بكونِه رَبَّ العالَمينِ رَحْمانًا رَحِيمًا بِهِم، مالكًا لعاقبةِ أمْرِهم في القيامَةِ، فهذا يدلُّ على أن استحقاقَ الحمدِ ثابتٌ - لله تعالى - في كل الأوقات، سواءٌ كان قَبْلَ مَجِيء النَّبي، أو بعده. فصل قال ابنُ الخَطيب - رَحِمَهُ اللهُ تعالى -: تَحميدُ اللهِ - تعالى - ليس عبارةً عن قَوْلِنا: الحمدُ للهِ، إخبارٌ عن كُلِّ فِعْلٍ عن كُلِّ فِعلٍ يُشْعِرُ بتعظيم المنعم بسبب كَوْنِهِ مُنْعِمًا، وذلك الفعل: إما أن يكونَ فِعْلَ القلبِ، أو فعل اللِّسان، أوْ فِعلِ الجوارح. أمَّا فعلُ القلبِ: فهو أنْ يَعْتَقِدَ فيه كونَهُ مَوْصُفًا بصفات الكمالِ والإجْلاَل. وأما فعل اللِّسان فهو أنْ يذكر ألفاظًا دالَّةً على كونه مَوْصُوفًا بصفات الكمال [والإجلال] .

1 / 177