الوزير ابن مقلة يتبرم برقاع ذوي الحاجات
: حدثني الحسين بن الحسن الواثقي ، قال : كنت أرى دائما ، أبا محمد جعفر بن ورقاء ، يعرض على أبي علي ابن مقلة ، في وزارته ، الرقاع الكثيرة ، في حوائج الناس ، في مجالس حفلة وخلوته ، فربما تجاوز ما يعرضه في يوم ، مائة رقعة . فعرض عليه يوما ، في مجلس خال ، شيئا كثيرا ، فضجر أبو علي ، وقال له : إلى كم يا أبا محمد ؟ فغضب جعفر ، وقال : أيد الله الوزير ، إن كان فيها شيء لي فخرقه ، إنما أنت الدنيا ونحن طرق إليك ، وعلى بابك الأرملة ، والضعيف ، وابن السبيل ، والفقير ، ومن لا يصل إليك ، فإذا سألونا سألناك ، فإن صعب هذا عليك ، أمرنا الوزير - أيده الله - أن لا يعرض عليه شيئا ، ونعرف الناس ثقل حوائجهم عليه ، وضعف جاهنا عنده ، ليعذرونا . فقال له أبو علي : لم أذهب حيث ذهبت يا أبا محمد ، وإنما أردت أن تكون هذه الرقاع الكثيرة في مجلسين ، أو مجلس يحضر فيه الكتاب فيخففون عني بالتوقيعات فيها ، ولو كانت كلها حوائج تخصك لقضيتها ، وكان سروري بذلك أعظم ، هاتها . قال : فأخذها جميعها ، ووقع له فيها بما التمس أرباب الرقاع . فشكره جعفر ، وقبل يده ، وانصرف .
Page 53