Niswar al-muhadarat wa-ahbar al-mudakara
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكر
والآداب، أكثر مما كان قديما أو مثله، ولكن تقبل أرباب تلك الدول [4 ط]للأدب أظهره ونشره (1) ، وزهد هؤلاء الآن في هذا الأدب غمره وستره، ولهذه الحال ما انطمست المحاسن في هذه الدول، وردت أخبار هؤلاء الملوك، وخلت التواريخ من عجائب ما يجري في هذا الوقت، لأن ذوي الفضل لا يفنون أعمارهم بتشييد مفاخر غيرهم، وإنفاق نتائج خواطرهم، مع بعدهم عن الفائدة، وخلوهم من العائدة، وأكثر الملوك وذوي الأحوال، والرؤساء وأرباب الأموال، لا يجودون عليهم فيجيد هؤلاء لهم نسج الأشعار والخطب، وحوك الرسائل والكتب التي تبقى فيها المآثر، ما أقام الدهر الغابر، فقد بخل هؤلاء، وغفل هؤلاء، ورضي كل واحد من الفريقين بالتقصير فيما يجده، والنقص فيما يعتمده، وإلا فقد خرج في أعمارنا وما قاربها من السنين، من مكنون أسرار العلم، وظهر من دقيق الخواطر والفهم، ما لعله كان معتاصا (2) على الماضين، وممتنعا على كثير من المتقدمين، وجرت في هذه المدة من الحوادث الكبار، والوقائع العظام[والانقلابات العجيبة] (3) ، والاتفاقات الغريبة، والحيل الدقيقة، والأمور المحكمة الوثيقة، التي لا يوجد مثلها سالفا. في أضعاف هذه السنين مضاعفا، ما لو قيد بتأليف الكتب، وحفظ بتصنيف الأشعار فيه والخطب، أو خلد على شرحه في تواريخ السنين والحقب، لأوفى على ما سلف، وتقدم في علو الرتب.
وقد أثبت من هذا أيضا طرفا طفيفا، ونبذا موجزا[5 ب]خفيفا، لئلا تخرج هذه الأخبار عن سبيلها، ولا تخلو مع ذلك من فنون لا توجد
Page 11