إننا في جلب المسرات لمقصرات حيال أنفسنا ومن هم في ذمتنا من الأهل والأولاد، حبذا لو اتبعنا طريقة المرأة الغربية في ذلك؛ فإنها تعقد الاجتماعات وتوالي السمر، وتدعو أعضاء الأسرة الواحدة وأصدقاءها لتناول الشاي أو الطعام أو الفسحة معا، فيتجاذبون أطراف الحديث، وهنالك يبدي كل منهم رأيا أو حكاية لا تخلو من فائدة أو فكاهة ، وقد يصرفون الوقت في ألعاب مختلفة لتنشيط أذهانهم وأبدانهم ويتبادل المجتمعون الدعوة كل في نوبته، فيتراءى أعضاء الأسرة الواحدة وأصدقاؤها كل يوم تقريبا فينفون بذلك همهم ويأنسون بعضهم ببعض، وبذلك يعيشون في وئام ووفاق.
الخدم:
المرأة المصرية لا تقدر نفسها قدرها، وطالما رأيت سيدة تضاحك الخادمات وتكاشفهن بأسرارها فلا يتأخرن عن إذاعتها في البيوت الأخرى، وهذا من الخطل في الرأي، يجب أن يعامل الخدم بالرأفة ولكن لا تتعدى تلك الرأفة حدودها، ألم تستغربن مرة من أن خدمنا لا يشتغلون عندنا نصف ما يشتغلون في البيوت الإفرنجية، ومع ذلك نراهم هناك أنشط وأهدأ خلقا مما إذا كانوا في بيوتنا؟ إن السبب لسهل الإدراك وهو أن المرأة الإفرنجية تحفظ هيبتها فيخشاها الخدم، وهي لا تخالطهم إلا عند الأمر والنهي ولا تحط من شأنها بمسايرتهم ومضاحكتهم، وتفرض عليهم شغلهم وتريهم إياه لأول مرة ثم تتركهم وشأنهم فيشعرون بمسئوليتهم.
الدور الخامس: دور الأمومة
هذا الدور مرتبط بدور الطفولة ارتباطا تاما حتى يكاد يندمج أحدهما في الآخر، وعليه فكل ما قلته هناك أقوله هنا.
النتيجة
والنتيجة أن المرأة الغربية سبقتنا بمراحل في العلم العمل، مع أننا لا نقل عنها ذكاء، وكل ما لا يستحيل طبعا فهو ممكن بالمعالجة واتخاذ الجد مطية إليه مهما صعب الطريق واستعصى، فإذا تدرعنا بثبات العزم وقوة الإرادة فإننا نصل إلى ما وصلت إليه من نور العلم ورفعة المقام، ولا يثبطنا قول القائلين: «إن الشرق شرق والغرب غرب.» فإن التاريخ أعدل حكم، وهو حافل بذكر الشرقيات اللاتي نلن من بعد الصيت ووفرة العلم منالا كبيرا أيام كانت الغربيات لا ذكر لهن؛ فاقرأن تواريخ نساء العرب في الشرق والغرب تجدن نادر الذكاء وجزل الشعر ومتين الأسلوب وما يشهد لهن بعلو الكعب في العلم والعمل.
إن الضعيف إذا لم يرزق قوة التمييز خيل له أن كل ما يأتيه القوي حسن، ذلك مثلنا أمام المرأة الغربية، فهل تردن أن نثبت للملأ خمولنا وخلونا من التمييز أم تردن أن نعمل على حفظ قوميتنا وتقوية روح الاستقلال فينا وفي الأجيال القادمة من أولادنا؟! إذا أردنا أن نكون أمة بالمعنى الصحيح تحتم علينا أن لا نقتبس من المدنية الأوروبية إلا الضروري النافع بعد تمصيره حتى يكون ملائما لعاداتنا وطبيعة بلادنا، نقتبس منها العلم والنشاط والثبات وحب العمل، نقتبس منها أساليب التعليم والتربية وما يرقينا حتى نبذل من ضعفنا قوة، وإنما لا يجوز في عرف الشرف والاستقلال أن نندمج في الغرب فنقضي على ما بقي لنا من القوة الضعيفة أمام قوته المكتسحة الهائلة.
وفي الختام، لا يسعني - أيها السيدات - إلا أن أشكر لكن حسن إصغائكن ومؤازرتكن إياي بالحضور، وآمل أن نسمع ونعي، ولا أخالكن إلا عازمات على محاربة جمودنا القديم وعلى العمل معا لرفع شأننا وشأن هذا الوطن المفدى، والله أسأل أن يوفقنا ويهدينا سواء السبيل.
قصيدة نسائية لباحثة البادية
Unknown page