فمنع من ذلك فرط الكبرة، وإفراط العلة، وضعف المنة، وانحلال القوة.
فلما وافق هذا الكتاب منا هذه الحال، وألفى قلوبنا على هذه الأشغال، اجتنبنا أن نقصد من جميع ذلك إلى فرق ما بين الرجل والمرأة.
فلما اعتزمنا على ما ابتدأنا به وجدناه قد اشتمل على أبواب يكثر عددها، وتبعد غايتها، فرأينا، والله الموفق، أن نقتصر منه على ما لا يبلغ بالمستمع إلى السآمة، وبالمألوف إلى مجاوزة القدر.
وليس ينبغي لكتب الآداب والرياضيات أن يحمل أصحابها على الجد الصرف، وعلى العقل المحض، وعلى الحق المر، وعلى المعاني الصعبة، التي تستكد النفوس، وتستفرغ المجهود.
وللصبر غاية، وللاحتمال نهاية.
ولا بأس بأن يكون الكتاب موشحا ببعض الهزل. وعلى أن الكتاب إذا كثر هزله سخف، كما أنه إذا كثر جده ثقل.
ولا بد للكتاب من أن يكون فيه بعض ما ينشط القارىء، وينفي النعاس عن المستمع. فمن وجد في كتابنا هذا بعض ما ذكرنا، فليعلم أن قصدنا في ذلك إنما كان على جهة الاستدعاء لقلبه، والاستمالة لسمعه وبصره. والله تعالى نسأل التوفيق.
Page 153