فدفعها إلى أضواج فحاصر النيل بالقرب من شامبه مدة ثلاثة أسابيع وعلى طول ثمانية كيلومترات، وماذا وجب أن يعمل؟ حفرت قناة طولها مائة كيلومتر لوصل النيل ببحر الزراف وتقليل ضياع الماء في المناقع ، وبلغ النبات من التفريخ ما لم يبق معه غير مجرى عرضه ثمانية أمتار صالح للملاحة. وأما القنوات الأخرى فقد تحولت إلى بطائح في أقل من عشرين سنة.
ولم قامت غابات صغيرة مقام بعض الشجيرات المنعزلة بعد جفاف عام واحد؟ إن بذور الكلأ في الأراضي المجففة، ولكن مع بقاء هذه الأراضي مغطاة بأهوار أو ماء جار على العموم، نمت وبلغ النبات من العظم بسرعة ما جاوزت معه في أدوار الفيضان مستوى الماء فداومت على التنفس والحياة، وهكذا تعارض الملاحة في كل سنة أسرار نمو النبات، بيد أن قوة النهر الحيوية التي لا تفنى تنتصر على الألوف من أعدائها الصغار كما تتغلب على أخطار المناقع، وإذا كان النيل لا يغلب، وإذا كان النيل يجد سلامته في الصحراء، فإنه يترك مع ذلك ماء غزيرا في هذه الإسفنجة فيعين هذا الضياع مستقبله ومستقبل مصر في الوقت نفسه.
الفصل الثاني عشر
منطقة الضحاضح النيلية منعزلة، ولا يدنو الإنسان من النهر إلا في أماكن نادرة حيث تكون الضفة جافة تماما، وهذه المياه الجارية الراكدة لا تزعج بعض جماعات الحيوان وبعض أنواع الحيوان في عاداتهما، وتستمر هذه الجماعات والأنواع على العيش في تلك المياه، فتجد الأسماك والطيور والزحافات مكانها فيها.
وترى في القسم الجنوبي الممتد إلى شامبه مساحات واسعة من الأرض الثابتة مسكونة نسبيا، والنيل - مع جريه القوي بعض القوة - يظل ضمن مجراه الكثير العرض حتى حين الفيض، والنيل تبصره بعد ذلك مرصعا بجزائر رحبة ومنخفضة، ويتحول البلد المجاور إلى سهب، ويغدو النخل نادرا على عجل فيشار إليه في الخرائط المفصلة ثلاث،
1
ويؤلف النيل بجوار بور من ناحية الغرب أضواجا في واد يترجح عرضه بين خمسة كيلومترات وعشرة كيلومترات، ويستغدر المجرى والوادي، وفي الغرب يبتعد بعض التلال عن بعض، وتصبح الجزر أوسع مما كانت عليه، ويكون ظل السنط والدوم
2
ورأس الجميز المغيال
3
Unknown page