6
تنتفع بالحضارة الإنكليزية، ففي الخرطوم تجمع الزيغان صمم
7
زجاجات المياه المعدنية اللامعة وتختطفها وتقلبها فتتألف من ذلك مناظر على الأرصفة المبلطة.
ونظم قسم مهم من السودان من قبل الضباط فجاء هذا دليلا على وجود رجال بين الضباط قادرين على القيام بأعمال غير صنع الموت. ومن نتائج الحرب العظمى أن اغتنى السودان بما قبضه من ثمن للمؤن العظيمة، وقد نشأ عن انهيار تركية ونصب ملك في القاهرة تعزيز مركز الإنكليز في السودان، وما كان من الفتن التي أوجبها تلاميذ غوردون القدماء فقد أزعج إنكلترة بضعة أيام، وما كان من عصيان كتائب السود الخاضعة لضباط من السودان فقد حمل الإنكليز على التفكير فيما ينطوي عليه التطور السريع من مخاطر، وكيف الخلاص من المصريين الذين حرضوا على تلك الفتن، والذين يخدمون في الجيش منذ قيام الحكم الثنائي؟ لم يكف قتل مرسل إنجيلي لنيل ذلك.
قتل نفر من دعاة الوطنية بمصر حاكم السودان العام في شهر نوفمبر سنة 1924، وفي أثناء إقامته بالقاهرة، ولم تنتظر بريطانية العظمى في هذه المرة ثلاث عشرة سنة كما فعلت بعد قتل غوردون، بل نالت مبتغاها في إخراج جميع الكتائب المصرية من السودان في ثلاثة أيام ، وبإنذار، وفضلا عن التعويضات وغيرها من العقوبات، ويذعر القوميون من المصريين لوضع النيل على أساس العلم الأبيض رمزا للسياسة، ويرتعد المعتدلون من المصريين تجاه وعيد صاحب السلطان في النيل الأعلى.
وهكذا يزول آخر أثر لسيادة مصر على السودان بخروج كتائبها منه، وصار العلم الأخضر لا يخفق بجانب العلم الإنكليزي إلا على سطح قصر الحاكم في الخرطوم وعلى مؤخرة البواخر التي تمخر في النيل.
الفصل الرابع عشر
يحافظ النيل على منظره الابتدائي إلى ما بعد الخرطوم، وما تراه من أنصاب
1
Unknown page