169

Nil Hayat Nahr

النيل: حياة نهر

Genres

دع عنك حساب الذهب.

وليست النقود الذهبية هي التي يعرفها الجميع ويرضى بها، وإنما هي الدولارات الفضية الكبرى المشتملة على صورة عاهلة بعيدة يجهلها الناس في الحبشة جهلا تاما، فمما حدث منذ قرن ونصف قرن أن أدخل نمسويون من تجار الشرق الأدنى تالير ماري تيريز، فلم ينقطع ضرب هذه النقود منذ ذلك الحين لهذا السبب، ويستحب أن تلوث النقود قبل أن يتداول بها لرفض القطع اللامعة من قبل سكان البلاد الأصليين، وعند بيكر أن سبب حظوة هذه النقود هو وضوح نقوشها البارزة.

وليس لنصارى الحبشة - بعد اتصال قرون بالحضارة - حتى أخلاق الأوغنديين الوثنيين وأوضاعهم قبل وصول البيض الأولين، فالشعب يمزق اللحم التيء بالأسنان، وهم لا يختلفون عن الأنمار في ذلك إلا بتقطيعهم اللحم بسكاكينهم بين أسنانهم، والأغنياء منهم، ويلبسون قلائد كثيرة من ذهب وريش، لا يفكرون إلا نادرا في تعليم أولادهم شيئا غير القراءة والكتابة، وقليلا من تاريخ بلدهم وجغرافيته في بعض الأحيان، ومعارف ضئيلة عما يعيش فيه من حيوان ونبات، ولا ترى هنا شيئا من مهارة زنوج أفريقية الغربية، وتقتصر الموسيقى على الأوراد الكنسية المملة وعلى صوت الدفوف ودرداب الطبول، ولا تبصر رقصا قوميا، ولا تعرف الدمى التي هي ألعوبة جميع القبائل الزنجية، وتلعب لعبة الداما وضرب من لعبة الكرة والصولجان.

الفصل التاسع

وكيف يداوم شعب يرسل في كل سنة ألوف الحجيج إلى القدس على السكن مع الأنعام في أكواخ مصنوعة من سوق الشجر ومن العوسج

1

والعشب والبعر؛ أي يأتي أمرا لا يطيقه معظم الزنوج؟ وفي كل يوم، وباللاسلكي، تتصل العاصمة بأوروبة، ويصل العاصمة بالبحر خط حديدي، ولا ترى - مع ذلك - طريقا صالحا لمرور العربات، ويطفح البلد بالحديد والرخام، ولا يستطيع ابن البلد أن يجندل شجرة مع ذلك، وابن البلد يحرقها بالقرب من الأرض إسقاطا لها مع ذلك، ولا تقل إن القوم هنالك لا يزالون يعيشون في القرون الوسطى، فقد دخلت الحضارة والنصرانية في الحبشة قبل دخولهما في فرنسة بزمن طويل.

ومنذ نحو ثمانين سنة؛ أي أيام الحملة الإنكليزية في سنة 1862، اخترع الأحباش عذابا جديدا قائما على شد الأسارى بالوثاق

2

وقتلهم بإدخال مسامير طويلة إلى صدورهم، ولا ريب في أن جبلتهم مصدر هذه الوحشية، وأن المطر والريح والجبل والسيل مصدر هذه الجبلة.

Unknown page