هذا كلام علماء المعتزلة رواه عنهم خريت مذاهب مذاهبهم، وقد أردنا بيان مذهبهم في تفضيل علي عليه السلام، وإن كان في كلامهم دعوى موافقته عليه السلام للقوم، والرضى بما أقدموا عليه، فهذا ليس من مذهبنا، وربما يعرض من الكلام في المطلب الرابع ما يبطل هذه الدعوى إن شاء الله تعالى.
هذا وقد روي توقف أبي علي وأبي هاشم في تفضيل علي عليه السلام، وفي الرواية المتقدمة عن ابن أبي الحديد ما يخالف ما روي عن أبي علي وأبي هاشم من التوقف ؛ لأنه أطلق الرواية عن المعتزلة في تفضيل علي عليه السلام، وقال: هو المستقر من مذهبهم، وظاهره العموم، ولا تصدر هذه الرواية عن عالم كبير إلا بعد خبرة وتحقيق لما رواه، فلعل أبا علي وأبا هاشم قد رجعا عن التوقف إلى القول بتفضيل علي عليه السلام على من تقدم من الصحابة، وهذا الذي يليق بهما لرسوخ أقدامهما في التحقيق.
وأما قاضي القضاة، فقد صرح أن عليا عليه السلام أفضل من الثلاثة، فحصل من هذه النبذة أن صاحب المقالة المتقدمة قد زاد في خطأه على المعتزلة، وخرج عن مذهبهم في التفضيل، والمعلوم من إجماع العترة النبوية أن المعتزلة أخطأت في إنكار النصوص الواردة في إمامة الفاروق الأزهر.
Page 57