* أما المطلب الأول وهو في حكمه: فحكمه الخطأ بما ارتكبه من إنكار النصوص الشريفة الواردة في إمامة علي عليه السلام وتفضيله، وقد زاد على جماهير المعتزلة في الخطأ ؛ لأنهم وإن أجمعوا على تصويب المتقدمين على أمير المؤمنين، فقد اختلفوا في التفضيل، قال ابن أبي الحديد(108) صاحب شرح نهج البلاغة الكبير: "مذهب بشر بن المعتمر وأبي موسى وجعفر بن مبشر وسائر قدماء البغداديين إن أفضل المسلمين علي عليه السلام"، قال: "والمراد بالأفضل أكثرهم ثوابا، وأكبرهم في دار الجزاء منزلة"، وحكى هذه المقالة عن الشيخ أبي عبد الله البصري، ونسبها إلى البغداديين، وبه قال أبوالحسين الخياط، وتلامذة أبي القاسم البلخي، كلهم قالوا بها، وحكى صاحب الشرح المذكور، أن رأي المعتزلة استقر بعد خلاف كثير بينهم في التفضيل وغيره أن عليا أفضل الجماعة(115)، وأنهم تركوا الأفضل لمصلحة رأوها، وأن عليا عليه السلام، نازع، ثم بايع، وأحجم، ثم أصحب، ولو أقام على الإمتناع، لم نقل بصحة البيعة، ولا بلزومها، ولو جرد السيف كما جرده آخر الأمر؛ لقلنا بفسق كل من خالفه على الإطلاق كائنا من كان، قال: "وبالجملة فإن أصحابنا يقولون: إن الأمركان له، وكان هو المستحق والمتعين، إن شاء أخذه لنفسه، وإن شاء ولاه غيره، فلما رأيناه قد وافق على ولاية غيره، اتبعناه، ورضينا بما رضي".
Page 56