Nihayat al-rutbat fi talab al-hisbat
نهاية الرتبة في طلب الحسبة
Publisher
مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر
Publisher Location
القاهرة
الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ
فِي الْحِسْبَةِ عَلَى الْبَزَّازِينَ (^١)
وَيَنْبَغِي أَلَّا يَتَّجِرَ فِي الْبَزِّ إلَّا مَنْ عَرَفَ أَحْكَامَ الْبَيْعِ وَعُقُودَ الْمُعَامَلَاتِ، وَمَا يَحِلُّ لَهُ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَارْتَكَبَ الْمَحْظُورَاتِ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ﵁: " لَا يَتَّجِرُ فِي سُوقِنَا إلَّا مَنْ تَفَقَّهَ فِي دِينِهِ، وَإِلَّا أَكَلَ الرِّبَا، شَاءَ، أَوْ أَبَى ". وَقَدْ رَأَيْت فِي هَذَا الزَّمَانِ أَكْثَرَ بَاعَةِ الْبَزِّ فِي الْأَسْوَاقِ يَفْعَلُونَ فِي بِيَاعَاتِهِمْ مَا لَا يَحِلُّ عَمَلُهُ، مِمَّا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ [تَعَالَى] (^٢). فَمِنْ ذَلِكَ النَّجْشُ، وَهُوَ أَنْ يَزِيدَ الرَّجُلُ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ، وَلَا يُرِيدُ الشِّرَاءَ، لِيُغْرِ غَيْرَهُ، وَهَذَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ «نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّجْشِ». رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ ﵁ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إخْوَانًا».
وَلَا يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ أَكْثَرَ مِمَّا تُسَاوِي، لِيُغْرِ بِهَا النَّاسَ فَيَكُونُ حَرَامًا. وَمِنْ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ بِشَرْطِ الْخِيَارِ (^٣)، فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ (^٤) آخَرَ: " رُدَّهَا وَأَنَا أَبِيعُك خَيْرًا مِنْهَا بِهَذَا الثَّمَنِ، أَوْ مِثْلَهَا بِدُونِ هَذَا الثَّمَنِ "؛ فَهَذَا الْفِعْلُ أَيْضًا حَرَامٌ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبُ عَلَى خُطْبَةِ أَخِيهِ». وَمِنْهُمْ مَنْ يَسُومُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ، فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ آخَرَ: " أَنَا أُعْطِيك أَجْوَدَ مِنْهَا بِهَذَا الثَّمَنِ، أَوْ مِثْلَهَا بِدُونِ هَذَا الثَّمَنِ، ثُمَّ يَعْرِضُ عَلَيْهِ السِّلْعَةَ فَيَرَاهَا الْمُشْتَرِي؛ وَهَذَا [أَيْضًا] حَرَامٌ، لِقَوْلِهِ (^٥) ﷺ: «لَا يَسُومُ الرَّجُلُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ». وَمِنْهُمْ مِنْ يَقُولُ
_________
(^١) البَزّازون - والمفرد بَزَّاز - هي بائعو الثيّاب. (الصعيدي: الإفصاح في فقه اللغة، ص ٦٨٤).
(^٢) الإضافة من سائر النسخ الأخرى.
(^٣) الخيار اصطلاح فقهى يستعمل في البيع، وله ثلاث حالات، وهي إتمام البيع فورا، أو البيع خلال ثلاثة أيام تبدأ من يوم عقد الصفقة، أو البيع بشرط أن يلتزم البائع قبول السلعة إذ ظهر فيها عيب. (السرخسي: المبسوط، جـ ١٣، ص ٣٨). وتوجد كثير من هذه الاصطلاحات الفقهية هنا فيما يلي، وقد عني المؤلف بشرحها في مواضعها، وليس ثمت حاجة إلى التعليق عليها إلا إذا كان التعليق أهمية خاصة.
(^٤) في س "لرجل"، وما هنا من ل، هـ.
(^٥) في س "لقول"، وما هنا من ع، ل، هـ.
1 / 61