وجب على مؤلف هذا الكتاب ذكر ما يؤدي إليه من غش بعض هذه الأدوية، وهو يقسم بالله العظيم على من عرف شيئًا من غش الصيدلة، وغيرها من سائر الأشياء المغشوشة، ممن وقف على كتابنا هذا أن ينبه في آخر كتابنا هذا، وإن أمكنه التنبيه على معرفة استخراج غشه فليذكره، راجيًا بذلك ثواب الله ﷿.
فينبغي للمحتسب أن يباشرهم، ويخوفهم، ويعظهم، وينهرهم بالعقوبة، والتعزير، ويعتبر عليهم عقاقيرهم في كل أسبوع، فمن غشوشهم المشهورة أنهم يغشون الأفيون المصري بشياف الماميتا، ويغشونه أيضًا بعصارة ورق الخس البري، ويغشونه أيضًا بالصمغ، وعلامة غشه أنه إذا أذيب بالماء ظهرت له رائحة كرائحة الزعفران، إن كان مغشوشًا بالماميتا، وإن كانت رائحته ضعيفة، فهو بالخس، والذي هو مر صافي اللون، ضعيف القوة، فهو مغشوش بالصمغ.
وقد يغشون الراوند بنبتة يقال لها: راوند الدواب، تنبت بالشام، وعلامة غشه أن الراوند الذي لا رائحة له ويكون خفيفًا، هو الجيد، وأقواه الذي يسلم من السوس، وإذا نقع كان في لونه صفرة، وما خالف هذا اللون والصفة كان مغشوشًا بما ذكرناه، والجيد من الإثمد ما كان لفتاته بريق، وكان ذا صفاء صالح وهو نقي من الوسخ، سريع التفتيت.
وقد يغشون الطباشير بالعظام المحروقة، ومعرفة غشها أنها إذا طرحت في الماء رسبت العظام وطفا الطباشير، وقد يغشون التمر هندي بلحم الأجاص، وقد يغشون الحضض بعكر الزيت ومرائر البقر، في وقت طبخه، ومعرفة غشه أنه إذا طرح منه شيء في النار، فإن الخالص يلتهب، ثم أنه إذا أطفيته بعد الالتهاب تصير له رغوة كلون الدم، وأيضًا فإن الجيد منه أسود، ويرى داخله ياقوتي اللون، وما لا يلتهب وما لا يرغى يكون مغشوشًا بما ذكرنا.