على الابن ليس هو اعتبار وجود الأب وعدم الابن كيف اتفق. فهذه القبلية وصف زائد على وجود الأب وعدم الابن ، وهو وصف إضافي يستدعي محلا. وليس عروض القبلية والبعدية للأب والابن لذاتيهما ، فهما لغيرهما ، فإن كان عروضهما لذلك الغير لا لذاته ، بل لغيره تسلسل ، ولا بد وأن ينتهي إلى ما يكون عروض القبلية والبعدية لذاته ، وهو الزمان الذي كل جزء منه لذاته يكون قبل جزء وجزء منه لذاته بعد جزء ، على معنى أن الموصوف بالقبلية بالنسبة إلى شيء يستحيل أن يوصف بالبعدية بالنسبة إلى ذلك الشيء ، وما عداه من جميع الأشياء فكل ما كان منها مطابقا للجزء القبل من الزمان كان «قبلا» ، وما كان منها مطابقا للجزء البعد من الزمان كان «بعدا» ، ولو وجد الأب في الزمان الذي وجد الابن فيه ووجد الابن في الزمان الذي وجد الأب فيه ، لكان الابن قبلا والأب بعدا فتعاكسا ، بخلاف القبل والبعد من الزمان فإنهما لا يمكن انقلابهما (1) البتة.
والاعتراض (2): قد بينا أن القبلية والبعدية من الاعتبارات العقلية لا من الأمور الخارجية ، فلا يستدعيان زمانا خارجيا ، وإلا لزم التسلسل.
** البحث السابع : في أن الكم المنفصل هل هو ثبوتي أم لا؟
اختلف الناس في ذلك ، فذهب المتكلمون إلى نفيه ، وذهب الأوائل إلى ثبوته.
احتج الأولون بوجهين (3):
Page 343