فصار لأجله بحيث يمتنع انفكاكه عما هو فيه ، فذلك لا يوجب كونه عرضا. وبهذا يقع الفرق بين وجود العرض في الموضوع ، ووجود الجسم في المكان ، أو في الزمان ، أو في العرض ، وكون الشيء في غايته كالإنسان في السعادة ، وكون المادة في الصورة ، فإن الجسم قد يفارق مكانه وزمانه وعرضه وغايته ، مع بقاء جسميته (1) وإنسانيته. وكذا المادة قد تفارق بعض صورها مع بقاء وجودها متقومة بحسب صورة وصورة.
لا يقال : الجسم لا يفارق المكان والزمان المطلقين ، ولا العرض المطلق ، فأي فارق بينه وبين العرض؟
لأنا نقول : معنى قولنا ولا يمكن مفارقته عما هو فيه هو أن الشخص من العرض بشخصيته يقتضي ذلك المحل ، بخلاف وجود الجسم في الزمان والمكان المطلقين ، فإن الأمور الكلية لا وجود لها في الخارج ، فيمتنع وجود الجسم فيها (2) في الخارج ، وكلامنا في كون العرض في الموضوع وجودا خارجيا لا ذهنيا.
لا يقال : الأجسام الإبداعية يمتنع عليها مفارقة أمكنتها الخاصة ، فتكون أعراضا.
لأنا نقول : هذا محال عندنا ، ولا جسم إبداعي في الوجود ، ولا جسم يمتنع مفارقته لمكانه. وأما على رأي القوم فإنهم يفرقون : بأن الأعراض تتشخص بموضوعاتها المعينة ، والإبداعيات لا تتشخص بحصولها في تلك الأحياز ، فإن نوعها في شخصها ، فسبب تشخصها طبيعة نوعها ، ثم يتبع شخصها حصولها في تلك الأحياز.
لا يقال : مادة الفلك موجودة في صورته ، والصورة متحصلة القوام ،
Page 282