المجموع متقدما ، لتأخر المركب عن مفرداته.
وأجيب : بأنا لا نعني بهذا التقدم والتأخر إلا احتياج أحدهما إلى الآخر في الوجود وتوقفه عليه.
إلا أن هذا كالمخالف للمشهور ، لأنهم يعللون هذا التقدم بهذه الحاجة ، فيقولون : لما احتاجت حركة الخاتم إلى حركة الاصبع ، وجب أن يكون لحركة الإصبع تقدم على حركة الخاتم ، وهذا مشعر بكون التقدم والتأخر معلولين للحاجة (1).
وفي السؤال نظر ، فإن الماهية من حيث هي هي ، وإن لم تكن متقدمة ولا متأخرة ولا مصاحبة ، لكن قد يلحقها اقتضاء ذلك كزوجية الاثنين ، فإنها صادرة عن الاثنين من حيث هي هي لا باعتبار لحوق آخر بها.
وقولهم : «الماهية إذا أخذت من حيث هي هي لا تكون متقدمة ولا متأخرة» ، لا يعنون بذلك أنها لا تتصف بشيء من ذلك ، فإنه محال خلو الماهية عن ذلك ، بل يعنون به: أن أخذها من حيث هي هي ، مغاير لأخذها من حيث هي مقتضية لأحدهما (2) أو متصفة (3) به.
سلمنا ، لكن لم لا يجوز أن يكون الاقتضاء من حيث إن الماهية علة قوله : العلية والمعلولية إضافتان توجدان معا. قلنا : توجدان معا في العقل (4)، لكن يثبت لأحدهما صفة المبدئية وللآخر صفة المعلولية ، كما في اضافتي التقدم والتأخر. والأصل فيه أن الإضافة مغايرة لمبدإ الإضافة ، والعلة هي الماهية من حيث هي مبدأ إضافة العلية ، وهذا الاعتبار متقدم على إضافة العلية.
Page 255