196

يحصل عندنا شعور بتقدم أحدهما على الآخر ، فأخذنا هما معا في التعريف ، وليس واحد منهما بفصل ، فإن الحيوان ليس مركبا من الجسم وقوة الحس ، ولا قوة التحريك ، لأن هذين أمران يعرضان للنفس الحيوانية بعد تحصلها (1)، وصيرورة بعض الأجسام باعتبارها حيوانا لكن (2) لعدم شعورنا بالفصول في نفس الأمر لا التي هي فصول في أذهاننا وعدم الأسماء لها لا لعارضها يضطر إلى العدول عن الفصول الحقيقية إلى لوازمها للضرورة.

وليس كلامنا في الفصول بحسب تعقلنا وتصرفنا ، بل من جهة كيفية الوجود في نفسه. ولهذا الاشتباه توهم بعض الناس جواز تعدد الفصول في مرتبة واحدة ، وتمثل في ذلك بالحساس والمتحرك بالإرادة. والتحقيق فيه : ما قلناه. نعم يجوز أن تتعدد فصول الشيء الواحد في مراتب متعددة كالناطق الذي هو فصل قريب ، والحساس الذي هو فصل بعيد ، والنمو الذي هو فصل أبعد.

واعلم : أن الفصول لما كانت عللا للأجناس وجب تناهيها ، لما يأتي من وجوب تناهي العلل ، ولأنها أجزاء الماهيات ، ويمتنع أن تكون للماهية أجزاء غير متناهية ، لامتناع تصورها حينئذ ، فإن الذهن لا يمكنه استحضار ما لا نهاية له على التفصيل. فلهذا وجب تناهي الأجناس في التصاعد والتنازل ، وإلا لما تحصلت الأنواع ولا الأشخاص (3).

واعلم : أن الفصل الأخير هو العلة الأولى ، فإن الناطقية علة لوجود النفس الحيوانية، وهي علة القوة النباتية ، التي هي علة الجسمية ، التي هي علة الجوهرية.

Page 200