131

أما الحصر ، فلأن الماهية والوجود واتصاف الماهية بالوجود ، إذا كانت غنية عن المؤثر انتفى التأثير ، لأنه إنما يعقل (1) في أحد هذه الأمور الثلاثة ، فإذا استغنت عن المؤثر ، فلا أثر ولا تأثير.

وأما بطلان الأول ، فلأن السواد لو كان سوادا بالفاعل ، لكان عند عدم ذلك الفاعل وجب أن يخرج السواد عن كونه سوادا ، لأن ما بالغير يرتفع عند ارتفاع ذلك الغير ، لكن خروج السواد عن كونه سوادا محال ، لأن السواد يستحيل أن يصير غير السواد.

لا يقال : نحن لا نقول : السواد مع كونه سوادا يصير موصوفا بأنه ليس بسواد ، فإن ذلك جمع بين النقيضين. بل نقول : معناه : السواد يفنى ولا يبقى.

لأنا نقول : إذا قلنا : السواد يفنى ، كان قضية يجب تحقق موضوعها حال الحكم بحصول (2) المحمول له ، أو سلبه عنه ، والموضوع هو السواد ، فيجب أن يكون متقررا متحققا حال الحكم عليه بالعدم (3)، لكن ذلك جمع بين النقيضين (4)، فتكون هذه القضية كاذبة.

وأما بطلان الثاني (5)، فكذلك أيضا ، لاستلزامه عدم كون الوجود وجودا عند عدم الفاعل.

وأما بطلان الثالث (6)، فكذلك أيضا ، فإن الموصوفية لو كانت موصوفية

Page 134