93

Nihayat Ijaz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ

Publisher Location

القاهرة

وإخباره عن قاتله، وقصته مشهورة وفي الكتب مسطورة. وكان عيسى ﵇ يحيى الموتى بنص القران، فأحيا عازر بعد موته بثلاثة أيام، وابن العجوز وهو محمول على نعشه، وابنة العاشر، فعاشوا مدة وولد لهم. وكذلك نبينا ﷺ أحيا الله علي يديه جماعة من الموتي «١»، ولا غرو فهو أحق بذلك، والظن بالله جميل، وليس تعجز قدرته عن ذلك، فإذا ثبت هذا فما يمتنع المدّعى أى إيمانهما بعد إحيائهما، وبكون ذلك زيادة في كرامته وفضله- فقول من قال: «إنهما ماتا كذا لأن الإيمان بعد الموت غير نافع» مردود بما روى في الخبر أن الله تعالى ردّ الشمس على نبيه ﷺ بعد مغيبها، فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا، وأنه لا يتجدد الوقت لما ردّها عليه، فكذلك يكون إحياء أبويه نافعا لإيمانهما وتصديقهما بالنبى ﷺ، ولا بدع أن يكون الله كتب لأبوي النبى ﷺ عمرا، ثم قبضهما قبل استيفائه، ثم أعادهما- أى أحياهما- لاستيفاء تلك اللحظة الباقية بالمدة الفاصلة بينهما؛ لاستدراك الإيمان من جملة ما أكرم الله به نبيه ﵊. وقال بعض الأفاضل في حل هذه المسألة ما ملخصه: إن أهل الفترة ثلاثة أقسام: الأوّل: من أدرك التوحيد ببصيرته، ومن هؤلاء من لم يدخل في شريعة كقسّ بن ساعدة، وزيد بن عمرو بن نفيل، ومنهم من دخل في شريعة حقّ قائمة الرسم كتبّع وقومه من حمير، وأهل نجران، وورقة ابن نوفل، وعمه عثمان بن الحويرث. القسم الثانى من أهل الفترة: من بدّل وغيّر فأشرك ولم يوحّد، وشرّع لنفسه، فحلّل وحرم، وهم الأكثر كعمرو بن لحي، وهو أوّل من سنّ للعرب عبادة

(١) من ذلك أن زيد بن خارجة خرّ ميتا في بعض أزقة المدينة، فرفع وسجّي، إذ سمعوه بين العشاءين- والنساء يصرخن حوله- يقول: أنصتوا، فحسر عن وجهه، فقال: «محمد رسول الله، النبى الأمي، وخاتم النبيين، كان ذلك في الكتاب الأوّل»، ثم قال: «صدق، صدق»، وذكر أبا بكر وعمر وعثمان، ثم قال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته، ثم عاد ميتا كما كان. (راجع الشفاء للقاضى عياض وغيره تجد من ذلك كثيرا) .

1 / 35