كتابته بتقاليد كتابة الرواية التعليمية والتاريخية (١٨٧٠- ١٩١٤) حيث اعتمد كتابها دائما على تلك التقنية لتحقيق غايات تعليمية وإصلاحية تشبه غايات الطهطاوى.
(٤/ ٥) أصلت كتابات السيرة النبوية السابقة على الطهطاوى ثلاثة تقاليد تتصل بتوظيف الشعر في إطار سرد السيرة، يتمثل أولها في الإكثار من تقديم الأشعار- مقطوعات كانت أم قصائد- فى إطار السرد، وهذا ما يتجلى لدى كتاب النمط المطول كابن هشام والواقدى؛ إذ اعتادوا تقديم كثير من المقطوعات الشعرية التى قالتها بعض الشخصيات المساهمة في الوقائع المسرودة، مما جعل منها وسيلة لاستكمال بعض جوانب هذه الوقائع أو تأكيد أو تدعيم جانب أو أكثر من جوانبها. بينما انفرد ابن هشام بتقديم عدد كبير من القصائد والمقطوعات التى قيلت في غزوات النبى (ص) بصفة خاصة، وكان يوردها بعد انتهائه من سرد الوقائع، وقد تابعه في ذلك ابن سيد الناس (٧٢) .
ويتمثل ثانى هذه التقاليد في تحجيم دور الشعر في سياقات سرد السيرة النبوية، ويبرز هذا التقليد لدى ابن عبد البر حيث اكتفى بإيراد اثنى عشر شاهدا شعريا يتراوح الواحد منها من بيت إلى سبعة أبيات، وقد وردت هذه الشواهد في سياق سرده للوقائع، ومعظمها منسوبة إلى شخصيات مشاركة في الوقائع مما يجعلها جزا من تلك الوقائع (٧٣) . بينما يتمثل التقليد الثالث في الاستبعاد التام للشعر من دائرة سرد السيرة النبوية، ويبرز هذا التقليد لدى ابن حزم؛ إذ تخلو" جوامع السيرة" من الأشعار تماما وتقتصر على تقديم الأخبار والوقائع.
ولقد كانت تلك التقاليد ماثلة أمام الطهطاوى والذى اختار متابعة التقليد السائد الذى يقرن السرد بالشعر، فاعتمد في صياغته السيرة على نماذج كثيرة من الأشعار،
وندر أن يسرد وقائع دون أن يورد فيها أشعارا (٧٤)، ومع هذا فقد أبقى الطهطاوى قليلا من الأشعار التى وردت في سيرة ابن هشام، وأضاف إليها نماذج
المقدمة / 45