ثم في تقديم بعض الأخبار عن أولاده منها؛ فيشير بإيجاز إلى أبى القاسم (٦٦- ٦٧)، ثم يتوقف عند زينب وزواجها بالعاص (٦٧- ٦٩)، حيث يبدو ما يقدم عن العاص أكثر بكثير مما يقدم عن زينب، ثم يتحدث عن رقية (٦٩)، ثم عن أم كلثوم (٦٩)، ثم عن فاطمة (٧٠) . وحينئذ تبرز تقنية السرد التعليمى الخالص التى يستخدمها الطهطاوى في تناول مسألة فضائل أهل البيت معتمدا على حشد تفسير بعض الايات القرانية، والاستشهاد ببعض الأحاديث النبوية، مضيفا إليهما شواهد شعرية مختلفة (ص- ص ٧٠- ٧٤) . واللافت أن الاستطرادين السردى والتعليمى يتماثلان في الطول ... ثم يعود الطهطاوى إلى سرد موجز عن بنات فاطمة (زينب وأم كلثوم ورقية) (ص ٧٥)، وينتقل منه إلى سرد وفاة السيدة خديجة وتقديم جوانب من حياتها قبل زواجها بالنبى (ص) (٧٨- ٧٩)، ثم يتوقف مستطردا أمام مقولة بعض الصوفية عن أن (أربعة من النساء أنجبن أربعا من الأنبياء ﵈ فوجدن بذلك المغفرة) (ص ٨٠) .
ويتكرر هذا النمط الاستطرادى في تقديم الطهطاوى لعدد من الشخصيات منها: عبد المطلب، وفاطمة الزهراء، ثم حليمة السعدية التى يبدو أن تقنية الاستطراد السردى تتحول- عند تقديمها- إلى استطراد عكسى؛ إذ يبدأ الطهطاوى بتقديم بعض جوانب حياتها وسلوكها بعد الإسلام، ويتبع ذلك بتلخيص القصة المتواترة عن إرضاعها النبى (ص) (٦١) .
إن ذلك النمط السردى يقوم، دائما، على تغييب زمن الوقائع المسرودة عن طريق تحرير الراوى من الالتزام بتنسيقها وضبطها في مسار زمنى قائم على تتابعها في زمن
الحدوث. ومن اللافت أن ذلك التغييب الزمنى يبدو ظاهرة بارزة في كثير من كتب التراجم والطبقات في التراث السردى العربى (٦٢)، وكذلك في عدد من السير الغيرية التراثية كسيرة عمر بن الخطاب لابن الجوزى وسيرة عمر بن عبد العزيز لابن عبد الحكم (ت ٢١٤ هـ)؛ فبعد أن ضبط ابن عبد الحكم وقائع حياة عمر من بدايتها إلى توليه الخلافة أخذ يقدم العناصر السردية- كالأخبار والحكايات والقصص- وغير السردية- كالمواعظ والرسائل- دون حرص على ترتيبها أو العمل على إبراز الترابط الزمنى فيها (٦٣) .
المقدمة / 42