290

Nihāyat al-ījāz fī sīrat sākin al-Ḥijāz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ

Publisher Location

القاهرة

وقال بعضهم: أدرك الإسلام من العرب عشرة أنفار طوال جدّا، منهم عبادة ابن الصامت.
ومن جملة الأسارى أيضا نوفل بن الحارث بن عبد المطلب، تأخر إسلامه إلى غام الخندق، وقيل: بل أسلم حين أسر، وذلك أن رسول الله ﷺ قال له: افد نفسك بأرماحك التى بجدّة، قال: والله ما علم أحد أن لى بجدة أرماحا غير الله، أشهد أنك رسول الله. ثم شهد معه حنينا، وأعانه عند الخروج إليها بثلاثة الاف رمح، فقال رسول الله ﷺ: كأنى أنظر إلى أرماحك هذه تقصف ظهور المشركين.
توفى نوفل بالمدينة سنة خمس عشرة، وصلّى عليه عمر بن الخطاب- رضى الله تعالى عنهما.
وقيل: إن العباس أسلم قبل وقعة بدر، وكان يخفى إسلامه لمّا طلب منه ﷺ أن يفدى نفسه، قال: علام يؤخذ منى الفداء وقد كنت أسلمت أنا وأم الفضل وبقية ال بيتي، ولكن القوم أكرهونى على الخروج «١»؟!، وقال النبى ﷺ: كان ظاهر أمرك أنك كنت علينا، ولكنّ الله تعالى يجزيك على ما أخذ منك، وأنزل الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا، [الأنفال: الاية ٧٠] ولما نزلت قال العباس: يا رسول الله لوددت أنك كنت أخذت منى أضعافا، والمأخوذ منه مائة أوقية من الذهب، كما سبق انفا.
وقد منّ النبى ﷺ على نفر من أسراء بدر، وخلّى سبيلهم من غير شئ، وفدى نفرا كالعباس- رضى الله تعالى عنه-. ولما فدى العباس نفسه رجع إلى مكة وأظهر إسلامه، وجمع أمواله وهاجر إلى المدينة، ولازمه ﷺ في غزواته، وكان النبى ﷺ يعظمه، وكانت الصحابة تعظمه وتقدمه وتشاوره وتأخذ برأيه، ولما قيل له: أيّما أكبر أنت أو النبى ﷺ؟ قال: هو أكبر مني، وأنا ولدت قبله «٢» .
قال ابن إسحاق: ولما بلغ النجاشىّ نصرة النبى ﷺ ببدر فرح فرحا شديدا، قال جعفر بن أبى طالب- رضى الله عنه- وكان جعفر إذ ذاك بأرض الحبشة:
فأرسل إليّ النجاشى وإلى أصحابى ذات يوم، فدخلنا عنده فوجدناه جالسا على

(١) أى أنه لم يأت محاربا، وإنما جاء مكرها.
(٢) فى هذا اللفظ من الاداب ما فيه.

1 / 237