280

Nihāyat al-ījāz fī sīrat sākin al-Ḥijāz

نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز

Publisher

دار الذخائر

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٩ هـ

Publisher Location

القاهرة

وأنفه وفمه، فلا يدرى أين يتوجه، يعالج التراب لينزعه من عينه، وقال لأصحابه: «شدّوا عليهم» فكانت الهزيمة على المشركين، وردفهم المسلمون يقتلون ويأسرون، وأنزل الله (تعالى: وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [الأنفال:
١٧] .
وقد ورد عن عمر رضى الله عنه أنه لما كان يوم بدر، وانهزمت قريش، نظرت إلى رسول الله ﷺ في اثارهم مصلتا السيف يقول: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ [القمر: ٤٥] .
وكان من جملة من خرج مع المشركين يوم بدر: عبد الرحمن بن أبى بكر، وكان اسمه قبل الإسلام عبد الكعبة، فسماه النبى ﷺ عبد الرحمن، وكان من أشجع قريش، وأسنّ ولد أبيه، فلما أسلم في هدنة الحديبية وهاجر إلى المدينة قال لأبيه: لقد هدفت «١» لى يوم بدر مرارا فأعرضت عنك، فقال أبو بكر: لو هدفت لى لم أعرض عنك.
وكان حرسه ﷺ ببدر: سعد بن معاذ، وذكوان بن عبد الله، ويوم أحد حرسه:
محمد بن مسلمة الأنصاري. وحرسه يوم الخندق: الزبير بن العوام، وسعد ابن أبى وقاص، وعباد بن بشر. وحرسه ليلة خيبر: أبو أيوب الأنصارى. وحرسه بلال بوادى القرى «٢»، فلما أنزل الله تعالى: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:
٦٧] ترك الحرس.
وفي يوم بدر قتل أبو عبيدة بن الجراح أباه وكان مشركا، وأنزل الله تعالى:
لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ... الاية [المجادلة: ٢٢] .
وقال رسول الله ﷺ: «من له علم بنوفل بن خويلد؟ فقال علي: أنا قتلته. فكبّر رسول الله ﷺ وقال: الحمد لله الذى أجاب دعوتى فيه»؛ فإنه لما التقى الصفان نادى نوفل بصوت رفيع: يا معشر قريش: اليوم يوم الرفعة والعلا، فقال رسول الله ﷺ: «اللهم اكفنى نوفل بن خويلد» .

(١) أى كنت هدفا لى أستطيع قتلك.
(٢) واد بين المدينة والشام، من أعمال المدينة، كثير القري.

1 / 227