156

Nihaya Fi Fitan

النهاية في الفتن والملاحم

Investigator

محمد أحمد عبد العزيز

Publisher

دار الجيل

Edition Number

١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

ورواه مسلم أيصًا فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ عَنْ قَيْسٍ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: مَا سَأَلَ أَحَدٌ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الدَّجَّالِ أَكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ، قَالَ: وما سؤالك؟ قال: إنهم يقولون إن معه جبالًا من خبز ولحم ونهرًا مِنْ مَاءٍ؟ قَالَ: "هُوَ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ". وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا فِي الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى القطان، عن إسماعيل، وقد تقدم حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَاءَهُ نَارٌ وَنَارَهُ مَاءٌ بَارِدٌ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا الْحَدِيثِ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ كَابْنِ حَزْمٍ وَالطَّحَاوِيِّ وَغَيْرِهِمَا فِي أَنَّ الدَّجَّالَ مُمَخْرِقٌ١ مُمَوِّهٌ لَا حَقِيقَةَ لِمَا يُبْدِي لِلنَّاسِ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي تُشَاهَدُ فِي زَمَانِهِ بَلْ كُلُّهَا خَيَالَاتٌ عِنْدَ هَؤُلَاءِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ شَيْخُ الْمُعْتَزِلَةِ: "لَا يَجُوزُ أَنْ يكون كذلك حَقِيقَةٌ لِئَلَّا يَشْتَبِهَ خَارِقُ السَّاحِرِ بِخَارِقِ النَّبِيِّ وَقَدْ أَجَابَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الدَّجَّالَ إنما يدعي الإلهية وذلك مناف للبشرية فَلَا يَمْتَنِعُ إِجْرَاءُ الْخَارِقِ عَلَى يَدَيْهِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَقَدْ أَنْكَرَتْ طَوَائِفُ كَثِيرَةٌ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْجَهْمِيَّةِ وَبَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ خُرُوجَ الدَّجَّالِ بِالْكُلِّيَّةِ وَرَدُّوا الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِيهِ فَلَمْ يَصْنَعُوا شَيْئًا وَخَرَجُوا بِذَلِكَ عَنْ حَيِّزِ الْعُلَمَاءِ لِرَدِّهِمْ مَا تَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ كما تقدم، وَإِنَّمَا أَوْرَدْنَا بَعْضَ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الباب، لأن فيه كفاية ومقنعًا وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الدَّجَّالَ يَمْتَحِنُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ بِمَا يَخْلُقُهُ مَعَهُ مِنَ الْخَوَارِقِ الْمُشَاهَدَةِ فِي زَمَانِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنِ اسْتَجَابَ لَهُ يَأْمُرُ

١ الممخرق: المشعوذ.

1 / 164