Nihaya Fi Fitan

Ibn Katir d. 774 AH
102

Nihaya Fi Fitan

النهاية في الفتن والملاحم

Investigator

محمد أحمد عبد العزيز

Publisher

دار الجيل

Edition Number

١٤٠٨ هـ

Publication Year

١٩٨٨ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

مِنْهَا أَن تَكُونَ شَيْطَانَةً. قَالَ: فانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الديرَ، فإِذا فِيهِ أعظمُ إِنسان رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وأشَدَّه وَثَاقًا مجموعةٌ يَدَاهُ إِلى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ ركبتيهِ إِلى كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ. قُلْنَا: وَيْلَكَ مَا أنْتَ؟ قالَ: قَدْ قدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي فَأَخْبِرُونِي مَا أَنتم؟ قَالُوا: نَحْنُ أناسٌ مِنَ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغتَلَمَ ١، فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ أرْفأنا ٢ إِلى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ، فجلسنا في أقربهَا فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أَهلب كثيرةَ الشَعر ِما نَدْرِي مَا قبُلهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشعرِ، فَقُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتِ؟ فَقَالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قَالَتِ: أَعمدوا إِلى هذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْر ِفإِنه إِلى خَبَركُمْ بِالأشوَاق، فأقبلنا إليكم سراعًا وفَرَغنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً، فَقَالَ: أخبروني عن نخل بَيْسَانِ فَقلنا عَنْ أَيِّ شأنَها تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلها هَلْ يُثْمَرُ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَم. قَالَ: أمَا إِنَّه يُوشِك أن لا يُثْمِرَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرَيَّةِ، قُلْنَا: عَنْ أَيِّ شَأنَها تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فيهَا مَاءَ؟ قالوا: هي كثيرة الماءَ. قال: إِن ماءَها يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ. قَالَ: أَخْبِرُونِي عن عين زُغَر ْ٣ قَالُوا: عَنْ أَي شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قَالَ: هَلْ فِي الْعَيْنِ ماءُ؟ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بماءٍ الْعَيْنِ؟ قُلْنَا لَهُ: نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الماءِ وأَهلها يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا. قَالَ: أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الأمِيّينَ مَا فَعَلَ؟ قَالُوا: قَدْ خَرَجَ من مكة ونزل بِيَثْرِب ٤. قَالَ: أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ. قَالَ: كَيْفَ صنع بهم؟ فأخبرناه

١اغتلم البحر هاج واشتدت أمواجه وتجاوزت حركتها الحد المعتاد. ٢ أرفأ: التجأ. ٣ زغر: بضم الزي وفتح الغين المعجمة بعدها راء إحدى بلاد الشام. ٤ يثرب: اسم مدينة الرسول ﵇.

1 / 110