Nida Haqiqa
نداء الحقيقة: مع ثلاثة نصوص عن الحقيقة لهيدجر
Genres
كما تحدثنا - في سياق الكلام عن الوجود المشترك - عن الاعتبار،
62
وبقي الآن أن نتحدث عن الفهم ونحدد بأنه «بصر»،
63
ولما كان الأصل في هذا الفهم أنه بصر، أمكن للموجود الإنساني أن ينمي مختلف أساليب التبصر عند اهتمامه بالأشياء والأدوات، وأن ينمي الاعتبار عند رعايته للآخرين، وهيدجر يفرد للبصر بالوجود (أو التواجد) نفسه مكانا مرموقا، ويصفه بأنه رؤية نافذة أو شفافية،
64
وهذه الشفافية على شتى أساليب البصر التي ذكرناها من تبصر واعتبار، بل إنها هي التي تجعلها ممكنة، فإنها لا تقتصر على معرفة نفسها فحسب، بل تتعدى ذلك إلى معرفة العالم والآخرين، وعلينا أن نلاحظ في النهاية أن كلمة البصر تدل في المقام الأول على أن الموجود الإنساني هو الذي يسمح للموجود بأن يكشف له عن نفسه، وأن يجرد نفسه من كل غطاء يحجبه،
65
فالبصر إذا لا ينفصل عن طابع الانفتاح أو «الوضوح المضيء» الذي يميز الموجود-الإنساني.
في الفهم يتفتح الموجود الإنساني، ولكن على أي شيء؟ على إمكانيات وجوده، وكيف؟ بأن «يشرع» أو يصمم مشروعاته على أساس من إمكانيات وجوده أو من خلال الاستطاعة و«القدرة-على-الوجود»، بيد أن تصميم المشروع لا يتم في فراغ؛ إذ إنه - كوجود ممكن - موكول دائما إلى الرمي أو الإلقاء
Unknown page