Nazcat Fikr Urubi
نزعة الفكر الأوروبي في القرن التاسع عشر
Genres
Berkeley ، ومنها تطرق إلى درس معضلات الأخلاق والسياسة والاقتصاد، وانتهى من ذلك بأن وهب نفسه إلى دراسة التاريخ، ولم يكد يختتم «هيوم» صفحته حتى ذاعت المباحث التاريخية في إنكلترا ذيوع المؤلفات الغيبية واللاهوتية في فجر حياته. أما العوامل التي أدت إلى الانتقال من الإكباب على المباحث الغيبية إلى الأساليب التاريخية في ألمانيا، فمشابهة لتلك التي أدت إلى ذلك في إنكلترا خلال القرن التاسع عشر.
وبينما كانت المباحث التاريخية آخذة بزمام العقول في ألمانيا، بل قضت القضاء كله على «الفلسفة النظامية»
Systematic Philosophy ؛ أي الفلسفة ذات القواعد المرسومة، أنتجت إنكلترا لأول عهدها في تاريخ التفكير العقلي مذهبا فلسفيا؛ ذلك المذهب الذي أبرزه العلامة الكبير «هربرت سبنسر»
H. Spencer ، وحاول أن يثبت فيه أن الغرض من الفلسفة «توحيد المعرفة»، على أن من الحقائق الخطيرة في تاريخ الفكر تلك الحقيقة التي سوف نصرف في سبيلها شطرا عظيما من عنايتنا.
إن مبدأ «توحيد المعرفة» الذي بثه «سبنسر» في ذلك المذهب مبدأ تاريخي، وهو في قوامه عبارة عن طريقة من النماء التدرجي تعرف الآن باسم «النشوء»
Evolution ، يكون هذا المذهب في مجموعه فكرة مناقضة للفكرة التي بثها «هرمان لودز»
Hermann Lotze
في آخر مذهب فلسفي من المذاهب العظمى التي ظهرت في ألمانيا، فكل المذاهب النشوئية إذ تقضي بأن وحدة الأشياء تاريخية صرفة، وأن هذه الوحدة يجب أن يعود الإنسان في بحثها إلى أصل أولي عنه نشأت، إذا بك تجد أن «لودز» قد حاول أن يثبت أن الحقيقة تنحصر في الاعتقاد بأن لوحدة الأشياء وجود ثابت، وأنها مبدأ موجود في كل الأشياء المفردة، وليست - كما يقول النشوء - عبارة عن حلقة تربط بين الموجودات بمقتضى الزمان والمكان.
كان الغرض من مذهب «لودز» الوصول إلى جواب إذا تساءلت: كيف يستحضر العقل الإنساني لنفسه وحدة كائنة حية كوحدة الموجودات؟ ومن طريق أية من الفكرات التي ينبتها الفكر الإنساني نستطيع أن نصل إلى تلك الوحدة؟ وبأية من الكلمات التي تتضمنها اللغات الإنسانية يمكننا أن نعبر عنها؟
إن كلا من مذهب «سبنسر» في النشوء، ومذهب «لودز» في «العالم الأصغر»
Unknown page