Nazariyyat Tatawwur Wa Asl Insan
نظرية التطور وأصل الإنسان
Genres
فالإنسان مع أنه أكثر الحيوانات تطورا بطبيعته، لأنه أرقاها، هو الآن أقلها تطورا بفعل المدنية.
ولكن الإنسان حديث عهد بالمدنية؛ فلذلك كان تأثير الوسط فيه كبيرا في الماضي؛ فالأوربي أبيض، والصيني أصفر، والزنجي أسود، وكل ذلك بفعل الوسط في الماضي، ولو لم يعمد الإنسان إلى المدنية منذ زمن بعيد لكان أثر هذا الوسط فيه أكبر، بحيث كانت تختلف سلالته اختلافا كبيرا يشبه اختلاف أنواع القردة العليا الآن.
وهناك أشياء في فعل البيئة أو المناخ لا نفهم سرها، ولكننا نرى أثرها؛ فوجه الأمرندى - ساكن أمريكا القديم - مستطيل، والأوربيون الذين هاجروا إلى أمريكا قد استطالت وجوههم مثله لعلة لا نعلمها.
ولكننا نعرف أن الأوربي أبيض؛ لأن ضوء الشمس في أوربا ضعيف، والضوء سم إذا اشتد قتل الحي، ونحن أنفسنا نطهر الغرف من الميكروبات بالضوء؛ أي إن الضوء يقتل الميكروبات لشفوفة أجسامها.
فالجسم الحي المعرض للشمس يحتاج إلى أن يحمي نفسه منها بإفراز صبغة تمنع نفاذ الضوء إلى أعضائه الداخلية؛ فالزنجي أسود والأوربي أبيض لهذا السبب ، بل الإسكيماوي الذي يعيش قريبا من القطب الشمالي أسمر البشرة؛ لأن الأرض مغطاة أكثر شهور السنة بالثلج الأبيض الذي يقوم مقام ضوء الشمس في التأثير في البشرة.
وأنف الأوربي أشم مستدق، بينا نجد أنف الزنجي منفطس مفرطح؛ لأن الهواء بارد في أوربا وهو حار في إفريقيا، وبعبارة أخرى نقول إن الهواء يتمدد في إفريقيا بينما هو يتقلص في أوربا. وجسم الأوربي يحتاج إلى كمية من الأكسجين تساوي ما يحتاج إليه جسم الزنجي، ولكن حجم هذه الكمية كبيرة في إفريقيا؛ لأن تمدد الهواء صغير في أوربا لتقلصه؛ فالزنجي في حاجة إلى أن يتسع أنفه حتى يأخذ من الهواء الكمية التي يحتاج إليها منه مع جرمها الكبير المتمدد، ثم إن البرد في أوربا يستدعي استدقاق الأنف؛ حتى يدفأ الهواء قبل وصوله إلى الرئة، ومن هنا استدق أنف الأوربي وانفطس أنف الزنجي.
والصيني أصفر لرطوبة بلاده وحرها، فوجهه يشبه أقدامنا عندما نخلع الحذاء، فإن الرطوبة والحرارة تحيلان اللون في القدم إلى صفرة.
والشعر الزنجي مفلفل بفعل الحرارة في الأغلب؛ فإننا إذا عرضنا شعرة مستقيمة للحرارة تكمشت.
والصيني أو المغولي على وجه عام مستدير الرأس، بينما الأوربي مستطيله، وقد لا يكون للبيئة أثر في ذلك، وإنما هذا الشكل قد يرجع إلى اختلاف السلالة.
ثم يجب ألا يبرح من أذهاننا أن الإنسان لا يطاوع البيئة كل الطواعية، حتى بعد أن نحط من ذلك أثر المدنية؛ فإن للإنسان مثلا أعلى يبتغيه ويريد تحقيقه في وجهه وجسمه، فهو دائم الانتخاب والانتقاء بين إناثه وذكوره، وهذا «الانتخاب الجنسي» ينتهي بإيجاد طراز خاص في الوجه والجسم يختلف فيه كل شعب عن غيره.
Unknown page