Nazariyyat Tatawwur Wa Asl Insan
نظرية التطور وأصل الإنسان
Genres
ولسنا نعرف من طبقات قشرة الأرض سوى ما عمقه نحو 25 ميلا، وبدهي أننا لم نحفر في الأرض بئرا عمقها 25 ميلا عرفنا منها هذه الطبقات، وإنما حدث أن البراكين وثوران الأرض في بعض الأمكنة رفعا هذه الطبقات، فظهرت لنا طبقة فوق طبقة، حتى إننا نرى هذه الطبقات في بعض الجبال الآن. (متحجر الأمونيت، وهو حيوان رخو كانت تعج به البحار قديما ثم انقرض) (آثار قدم طائر وحوله قطرات المطر وقد تحجرت كلها)
والآن قد يتساءل القارئ: كيف يتحجر النبات أو الحيوان؟
فالجواب أنه كثيرا ما يسير حيوان فيقع عليه جرف فيدفنه تحته، أو تزل قدمه فيقع في هاوية ثم ينهار عليه التراب من الجوانب فيدفنه، أو قد تنخسف الأرض التي تحمله لفورة في باطنها فيموت تحت ما يتجمع حوله من التراب، أو قد يتورط في منقع يعجز عن الخروج منه ويموت مدفونا في طينه، وهذه الأحوال نادرة الوقوع؛ ولذلك فالمتحجرات من النوادر، ونحن لذلك لا نجد كل أنواع النبات والحيوان القديمة، وإنما نجد نوعا ما يبصرنا بما جاء قبله وما جاء بعده.
والحيوان أو النبات المتحجر لا يوجد بلحمه وشحمه كما كان في حياته، وإنما يوجد حجرا قد اتخذ هيئته في حياته وقت موته، وسبب تحوله من المادة الحية إلى مادة حجرية أنه عندما يدفن تحت التراب، وتنزل فوقه الأمطار، تتسرب مياهه إليه فتفسد مادته وتعفن شأن كل حي، فإذا تعفنت تحولت إلى غازات وتطايرت، فيبقى مكانها خاليا بالهيئة التي مات عليها الحيوان أو النبات.
والمطر إذا تسرب إلى هذا المكان الخالي حمل معه الأملاح التي تذوب فيه وهو يمر بالأتربة التي فوق الحيوان أو النبات المدفون، فهذه الأملاح تتراكم سنة بعد سنة، ومادة الحيوان تفسد وتتحلل وتذهب سنة بعد سنة، حتى يجيء وقت يصير فيه الحيوان أو النبات قطعة من الأملاح أو الحجر.
ولطبقات الأرض التي ظهرت فيها الحياة أسماء مختلفة، نستغني عنها ونكتفي بذكر الدهور التي تعاقبت على الأحياء من بدء الخلية الأولى حتى عصرنا الحاضر، ويجب أن نتذكر أننا لا نجد تحت هذه الطبقات سوى صخور بركانية لم يظهر فيها أثر للحياة؛ لأن الحياة لم تكن قد نشأت بعد؛ لحرارة الأرض التي لم تكن قد بردت بدرجة تسمح للحياة بالنشوء.
وإذا نحن تتبعنا هذه الطبقات من الطبقة السفلى؛ أي أقدمها، إلى الطبقة العليا التي نعيش نحن عليها، واستقرأنا الأحياء التي تحجرت فيها، وجدناها تتفق ونظرية التطور؛ فالأحياء الأولى بسيطة ثم تتدرج في الرقي حتى تصل إلى الأحياء الراهنة في الطبقة العليا، وهذه الطبقات تبلغ 13 طبقة تكونت في خمسة دهور. (1)
الدهر القديم:
وفيه ظهرت الحياة الأولى المؤلفة من خلية واحدة؛ مثل الألجة، وهي طحلب بحري لا ورق ولا جذع ولا جذر له، لا يزال موجودا (منه ما هو ذو خلية واحدة، ومنه ما هو ذو عدة خلايا)، وظهرت الخلية الأولى من الحيوانات أيضا.
وعمق طبقات هذا «الدهر القديم» يبلغ 70000 قدم، ولسنا نجد أثر الحياة فيه، وإنما نحن نفرضها؛ وسبب ذلك أن الأحياء التي ظهرت فيه كانت هلامية صغيرة جدا فلم تترك أثرا، ثم إن قرب طبقات هذا الدهر للصخور البركانية أحالها هي نفسها إلى صخور متبلورة بفعل الحرارة، فضاعت منها معالم الحياة. (2)
Unknown page