وكان أعظم من أظهر بها علم الإسلام أحمد بن حنبل وأظهر مذهب أهل الحديث ومخالفة الكوفيين وغيرهم فيما خالفوا فيه السنة وأظهر ترجيح أقوال الحجازيين عليهم والبلاد على مذهب العراقيين فكان بمنزلة من يريد أن ينقلهم من مذهب إلى مذهب وصنف كتاب الإيمان وكتاب الأشربة وكان يقرؤهما على الناس لكثرة المرجئة وكثرة من يشرب المسكر هناك حتى كان يدخل الرجل بغداد مع أنها كانت أعظم مدائن الإسلام فيقول هل فيها من يحرم النبيذ يعني المختلف فيه يقولون لا إلا أحمد بن حنبل كما ذكر ذلك الخلال.
وهذه التعليقات قد اعتقدها كثير من العلماء عقودا لازمة ليست أيمانا.
وطائفة كثيرة تقول فيها شبه من النذر وشبه من الأيمان.
وطائفة أخرى تقول هي أيمان غير شرعية فهي باطلة.
والذين يجعلونها أيمانا منعقدة منهم من يقول هي من الحلف بغير
الله وهي مع ذلك منعقدة حتى قال ذلك طائفة من أصحاب أحمد كما ذكر أبو الخطاب في مسألة الحلف برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا حلف بالنبي صلى الله عليه وسلم وحنث لزمته الكفارة وقال أكثرهم لا يلزمه.
دليلنا أنه أحد شرطي الشهادة فالحلف به يوجب الكفارة كاسم الله تعالى ولأن أكثر ما فيه أنه حلف بمخلوق وهذا لا يمنع من وجوب الكفارة كما لو حلف بالظهار أو بتحريم أمته أو زوجته أو نذر لجاج وغضب وهذا لأن أصل القول بأن الكفارة تلزم بالحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم لما كان قولا ضعيفا مع مخالفته للجمهور احتاج من ينصره كالقاضي أبي يعلى وأبي الخطاب وابن عقيل وغيرهم فإنهم أتوا في نصره بما يحتاج إليه من نصرة الأقوال الضعيفة وكل من نصر قولا ضعيفا فلا بد له من أحد أمرين إما أن يتناقض وإما أن يلتزم لوازم ظاهرة الفساد.
فإنه إن طرد دليله وعلته لزمته هذه اللوازم وإن لم يطردها تناقض.
Page 85