ومعلوم أنه في الشغار لم يشترط استمتاع إحدى المرأتين بالأخرى ولا استحقاقها لذلك فكيف يكون قد شورك الزوج في بضع امرأته ولكن كل من المرأتين رضيت بأن يستبيح زوجها بضعها بلا مهر تملكه هي بل لكون وليها أعطي بضع الأخرى ولو رضيت بأن يكون مهرها لوليها دونها ويكون الذي لوليها هو بضع الأخرى ولو رضيت بأن يكون الصداق نفع وليها بأن يخدم وليها مثل أن يرعى غنمه كما تزوجت امرأة موسى على أن زوجها يرعى غنم أبيها كان المهر هنا كمال شرط لوليها وهذه المسألة فيها نزاع وتفصيل مذكور في موضعه وهناك قد يقال دخل في ملكها تقديرا ثم ملكه وليها فليس فيه مهر إلا أن مهر كل واحدة استحقاق وليها بضع الأخرى كما قال أحمد هو فرج بفرج وهذا بخلاف ما إذا قال على أن ترعى غنمي وأرعى غنمك فهناك شيء غير الفرجين.
وقد علل طائفة من الفقهاء كأبي محمد المقدسي بغير التشريك فقالوا إنه شرط تملك البضع لغير الزوج فإنه جعل تزويجه إياها مهرا للأخرى فكأنه ملكه بشرط انتزاعه منه.
وهذه العلة تقتضي أنه شرط إخراج البضع من ملكه بعد دخوله فيه.
وهذا أيضا باطل فإنه لم يشرط خروجه من ملكه أصلا وكونه مهرا للأخرى قد تقدم أنها رضيت بأن يكون مهرها نفع وليها كما رضيت بأن يكون مهرها رعي غنمه فلم يقصد دخول البضع في ملكها ولا انتفاعها ولا معاوضتها عنه فكيف تكون قد شرطت تملك البضع وكيف يعقل مالك لا ينتفع بالمملوك بوجه من الوجوه ولا ببدله ولا يستحق ذلك؟
ولو قيل إن الأمر بعكس ما قالوه من أنها شرطت دخوله في ملكها ثم خروجه عن ملكها إلى الزوج لكان أشبه كما لو شرطت لوليها مالا أو نفعا فيقدر أنه دخل في ملكها ثم صار للولي لكن هذا أولا باطل فإن المرأة لا تملك بضع المرأة كما لا يملك الرجل بضع الرجل.
Page 184