بأمري وقليلا ما كنت أجدها، وكثيرا ما كانوا يهجمون مني على ما لا يحبون، فإذا عثروا في حقيبتي أو تحت وسادتي أو بين لفائف ثوبي على ديوان شعر أو كتاب أدب خيل إليهم أنهم قد ظفروا بالدينار في حقيبة السارق، أو الزجاجة في جيب الغلام، أو العشيق في خدر الفتاة، فأجد من البلاء بهم، والغصص بمكانهم، ما لا يحتمل مثله مثلي، وهم لا يعلمون أحسن الله إليهم أنهم وجميع من يدور به جدار مسجدهم حسنة من حسنات الأدب الذي ينقمون منه ما ينقمون، ويد من أياديه البيضاء على هذا المجتمع البشري، فلولا الأدب ما استطاع أئمتهم المجتهدون فهم آيات الكتاب المنزل، ولا استنباط تلك الأحكام التي دونوها لهم وتركوها بين أيديهم يستغلونها كما يستغل المالك ضيعته، ويعيشون في ظلها عيش السعداء المترفين، ولولاه ما استطاع علماؤهم اللغويون أن يورّثوهم هذه العلوم اللغوية التي يدرسون اليوم نحوها وتصريفها وبيانها ومعانيها في مجالس علمهم، ويدلون بمكانهم منها على الناس جميعا، كما لا يعلمون أن الأدب هو خير ما يستعين به متعلم على علم، وأن الذوق الأدبي الذي يستفيده المتأدب من دراسة الأدب ومزاولته هو الميزان الذي يزن به ما يحاول فهمه من عبارات العلوم وأساليبها، والدليل الذي يتسمّته
1 / 10