Nayazik Fi Tarikh
النيازك في التاريخ الإنساني
Genres
أنه سقط في عام 1853م نيزك صغير يزن حوالي رطل واحد فقط، على منطقة تقع بالقرب من شمال زنجبار، على الساحل الأفريقي الشرقي. وشاهد حدث السقوط صبية من الرعاة، فالتقطوه على الفور. وحاول المبشرون الألمان الذين كانوا بالمنطقة شراء النيزك الساقط بكل الطرق، لكن أفراد «الوانيكاس» المجاورين لموقع السقوط، الذين آل إليهم الحجر النيزكي، رفضوا بيعه أو التفريط فيه رفضا باتا؛ إذ اعتبروه إلها؛ لأنه حجر مقدس ساقط من السماء. وأخذوه ودهنوه بالزيت، ولفوه في القماش، وزينوه باللآلئ، وأقاموا له ضريحا صغيرا. ولم يسمح لأي أحد من المبشرين أو وكلائهم برؤية الحجر، ولا مجرد ذكر أي صفقة لشرائه منهم، لكن حدث بعد ذلك بثلاث سنوات أن هجم أفراد قبيلة «الماساي» البدوية على القرية، ودمروها وقتلوا عددا كبيرا من أفراد «الوانيكاس» وأحرقوا القرية؛ ففقد الحجر المقدس مكانته عند من قدسوه؛ ومن ثم باعه شيوخ القبيلة عند أول عرض تقدم به المبشرون لشرائه. ونقل النيزك الصغير لألمانيا، وظل معروضا ضمن مقتنيات متحف ميونخ في ألمانيا.
وما زالت بقايا ممارسات تقديس النيازك والتبرك بها موجودة في كثير من الثقافات، في عدد كبير من البقاع. فعلى سبيل المثال لا يزال يحرص رجال بعض القبائل والطوائف في الهند على جمع النيازك الساقطة، والاحتفاظ بها في دور العبادة الخاصة بهم، باعتبارها أجساما مقدسة. ويتصارعون مع رجال المساحة الجيولوجية الهندية، المنوط بهم جمع النيازك الساقطة على البلاد، بهدف دراستها ومعرفة طبيعتها. وما لم يسبق الباحثون في جمع النيازك التي تشاهد وهي ساقطة، يسبق إليها الأهالي ويقتنصونها.
16
ومن المواقف التي تكشف عن الاعتزاز بالنيازك، باعتبارها مادة سماوية، إقدام بعض الأهالي في قرية روسية على أكل حجر من أحجار نيزك سقط في أواخر عام 1886م، على قرية «نوفا أوري» التي تقع بجمهورية «موردوفيا» الروسية.
17
ولا يعرف سبب ذلك التصرف من قبل هؤلاء الناس، وهل كان نوعا من التبرك بالنيازك، أم ظنوها تمثل نوعا من العلاج الفعال؟ (2) ازدراء النيازك
في الوقت الذي لاقت فيه النيازك التقدير والإجلال من بعض الأفراد والقبائل والشعوب، لاقت التحقير والازدراء من البعض الآخر؛ حيث صارت مرادفة للعنة والهلاك والانتقام من قبل السماء. وساد الاعتقاد في أوروبا، خلال العصور الوسطى على وجه الخصوص، أن الأحجار الساقطة من السماء تمثل رسائل عقاب من الرب. ومما يدل على ارتباط النيازك بالشرور في أذهان بعض الناس تخيلهم سقوط النيازك على أنها ثعابين ضخمة تسقط من السحب. وتروي السجلات الروسية أنه في عام 1091م ذكر أحد القرويين أن ثعبانا ضخما سقط من السحب، رج الأرض وأصاب الناس بالذعر.
18
ومن بين الحالات الطريفة التي ورد ذكرها في الوثائق التاريخية، أن الناس كانوا يشيرون خلال القرون الوسطى إلى نيزك «إليبجين»، في «بوهيما»، الحديدي الذي يزن حوالي 107كجم، ويصفونه باسم غريب؛ هو «البارون المسخوط». وعلى حسب الرواية التي ظل الناس يتناقلونها فترة طويلة من الزمن عن هذا النيزك - الذي يرى بعض الباحثين أنه سقط خلال عام 1400م - أن الرب سخط البارون السيئ، ومسخه ليبدو على شكل هذه القطعة من الحديد.
19
Unknown page