فقال شريك بن عدي: أصلح الله الملك، علي ضمانه. فمر الطائي مسرعا والنعمان يقول لشريك: إن صدر النهار قد ولى ولم يرجع! وشريك يقول: ليس للملك علي سبيل حتى يأتي المساء. فلما قرب المساء قال النعمان لشريك: جاء وقتك فتأهب للقتل! فقال شريك: هذا شخص قد لاح مقبلا وأرجو أن يكون الطائي، فإن لم يكن فأمر الملك ممتثل، فبينما هم كذلك وإذا الطائي قد أقبل يشتد في عدوه مسرعا، فقدم، وقال: خشيت أن ينقضي النهار قبل وصولي فعدوت. ثم وقف قائما، وقال: أيها الملك، مر بأمرك. فأطرق النعمان ثم رفع رأسه، وقال: والله ما رأيت أعجب منكما! أما أنت يا طائي؛ فما تركت لأحد في الوفاء مقاما يقوم فيه ولا ذكرا يفخر به، وأما أنت يا شريك؛ فما تركت لكريم سماحة يذكر بها في الكرماء، فلا أكون أنا ألأم الثلاثة، ألا وإني قد رفعت يوم بؤسي عن الناس، ونقضت يوم عادتي كرامة؛ لوفاء الطائي وكرم شريك. فقال الطائي:
ولقد دعتني للخلاف عشيرتي
فعددت قولهم من الإضلال
إني امرؤ حبي الوفاء خليقة
وفعال كل مهذب مفضال
فقال النعمان: ما حملك على الوفاء وفيه تلف نفسك؟! قال: ديني؛ فمن لا دين له لا وفاء له. فأحسن إليه النعمان ووصله، وأعاده إلى أهله.
عدي بن زيد والنعمان
خرج النعمان بن المنذر متصيدا ومعه عدي بن زيد، فمرا بشجرة، فقال عدي بن زيد: أيها الملك، أتدري ما تقول هذه الشجرة؟ قال: لا! قال: إنها تقول:
من رآنا فليحدث نفسه
أنه موف على قرب السؤال
Unknown page