252

Nawadir Kiram

نوادر الكرام

Genres

وسئل محمد بن علي عن المروءة فقال: أن لا تعمل في السر عملا تستحي منه في العلانية، وقف رسول الله

صلى الله عليه وسلم

ليلة مع زوجته صفية على باب مسجد يحادثها وكان معتكفا فمر به رجلان من الأنصار فلما رأياه أسرعا فقال لهما: على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله أوفيك شك يا رسول الله، فقال: «رأيت أن الشيطان يجري من أحدكم مجرى لحمه ودمه فخشيت أن يقذف في قلبيكما سوءا».

وأما الصيانة وهي الثالث من شروط المروءة فنوعان: أحدهما: صيانة النفس كفايتها وتقدير مادتها ، والثاني صيانتها عن عمل المنن من الناس، وأما التماس الكفاية وتقدير المادة فلأن المحتاج إلى الناس كل منهضم ذليل مشتغل وهو لما فطر عليه محتاج إلى ما يستمده ليقيم أود نفسه ويدفع ضرورة وقته.

وقد قالت العرب في أمثالها: كلب جوال خير من أسد رابض، وما يستمده نوعان لازم وندب، فأما اللازم فهو ما أقام بالكافية وأفضى إلى سد الخلة، وعليه في طلبه ثلاثة شروط: أحدها استطابته من الوجوه المباحة وتوقى المحظورة، فإن المواد المحرمة مستخبئة الأصول ممحوقة المحصول إن صرفها في بر لم يؤجر وإن صرفها في مدح لم يشكر، وقد ورد في الحديث: «لا يعجبك رجل كسب مالا من غير حله فإن أنفق لم يقبل منه وإن أمسكه فهو زاده إلى النار»، وقال بعض الحكماء: شر المال ما لزمك إثم مكسبه وحرمك أجر إنفاقك، ونظر بعض الخوارج إلى رجل من أصحاب السلطان يتصدق على مسكين فقال: انظر إليهم حسناتهم من سيئاتهم، والثاني طلبه من أحسن جهاته التي لا يلحقه فيها غصن ولا يتدنس له بها عرض، فإن المال يراد لصيانة الأعراض لا لابتذالها ولعز النفوس لا لإذلالها. وقال عبد الرحمن بن عوف: يا حبذا المال أصون به عرضي وأرضي به ربي. وقال أبو شبر الضرير:

كفى حزنا أني أروح وأغتدي

وما لي من مال أصون به عرضي

وأكثر ما ألقى الصديق بمرحبا

وذلك لا يكفي الصديق ولا يرضي

وجاء في الحديث: «اطلبوا الحوائج من حسان الوجوه».

Unknown page