أما تفصيل تداخل حافظ في أمر أولئك الرهبان وكيفية وصوله إليهم، فما سيأتي عليه الكلام في الجزء القادم إن شاء الله.
من نوادر حافظ نجيب
يرى القارئ الكريم أنني لم أدخر وسعا في جعل هذا الجزء أحسن تسلية له في ساعات الفراغ، ولم أضن في سبيل إخراجه على أحسن ما يكون من جمال الطبع المشهور عن مطبعة المعارف.
ويلوح لكل مطالع من أول وهلة أنني لم أتعمد في كتابة هذا الجزء التهويل الذي لا يقبله عقل اللبيب الحصيف، ولم أنهج نهج الروائيين الغربيين الذين يجعلون الحبة قبة، والحمل جملا؛ لأنني تحاشيت الشرح الضافي الذي لا طائل تحته ولا فائدة منه لمعاشر القارئين، ورغبت عنه في إيراد الحقائق منزهة عن كل تزويق وتنميق، وهذا ما يريده القراء أجمعون ولا ريب.
وسأسعى في إصدار الجزء الثالث في القريب العاجل مزينا بعدة رسوم تمثل أبطال النوادر التي سترد فيه، راجيا من ذلك كله رضى القراء الكرام وتشجيعهم إياي على المثابرة في هذا السبيل عسى أن أكون سببا في إقبال سواي من الكتاب عليه، فيكثر بيننا جمهور الروائيين الشرقيين، ونعمد إلى إصلاح عاداتنا وتهذيب نفوسنا وإظهار معائبنا بروايات شرقية عربية خالية من رطانة العجمة وعادات الغربيين.
وإنني لأرجو من كل قارئ أن يوافيني بما يعلمه عن حافظ نجيب مما يكون قد خفي علي، وله الخيار في نشر اسمه أو إغفاله أو الإشارة إليه برمز من الرموز؛ لأنه قد وصل إلي أن كثيرين من الذوات والعيون والمستخدمين قد غشهم حافظ وأوهمهم أنه من كبار الأغنياء وعظماء المصريين تارة والسوريين طورا، مما لا يستبعد حصوله من نابغة في الاحتيال قدير كحافظ نجيب.
كتاب مفتوح إلى الصديق القديم حافظ أفندي نجيب المدرس بمدرسة الاتحاد الإسرائيلي سابقا
أيها الصديق القديم
اسمح لي أن ألقبك بالصديق القديم وإن لم تخلق جدتك الأيام؛ لأنك اليوم غير ما كنت عليه أمس، فقد عرفتك شابا وديعا يخجل لأقل كلمة كالعذراء الطهور، ويسعى سعي الأنبياء في خدمة الأدب ولا سيما فن التمثيل الجليل، ويبر بوعده حافظا عهود أصدقائه خادما لجميع عارفيه ومريديه، ذكيا لا يستخدم ذكاءه إلا فيما يعود بالخير العام ولو على طائفة من الأدباء المفكرين.
أما اليوم فقد تضاربت بشأنك الأقوال واختلفت الاعتقادات والمذاهب. «فمن قائل أو أمثاله قليل» إنك أحسنت في كل ما نسب إليك؛ لأنك عرفت كيف تنتقم من القدر الذي أساء إليك مع ما حصلته من العلم وما أوتيته من الحصافة والذكاء بالضحك من بعض البخلاء المقترين من الأغنياء المتنسكين لعبادة الأصفر الرنان، والبعض الآخر يقول: حبذا لو صرف حافظ نجيب ذكاءه ونشاطه إلى الأعمال الشريفة السامية، فهو لو فعل ذلك لأفاد واستفاد.
Unknown page