Nathr al-durr
نثر الدر
Editor
خالد عبد الغني محفوط
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition
الأولى
Publication Year
١٤٢٤هـ - ٢٠٠٤م
Publisher Location
بيروت /لبنان
معروفٍ أجرا قطّ واضطرب أَبُو دلف وَقَالَ: إِن رَأَيْت أَن تكمل النِّعْمَة عِنْدِي، وتتمها على بقبولها، فَقَالَ: هَل لي عنْدك، فَإِذا لزمتني حُقُوق لقوم يقصر عَنْهَا مَالِي صككت عَلَيْك بِمَا تَدْفَعهُ عَلَيْهِم إِلَى أَن أستنفذها، فقنع أَبُو دلف بذلك، فَمَا زَالَ يصك عَلَيْهِ للنَّاس، حَتَّى أفناها من غير أَن يصل إِلَى الْعَبَّاس دِرْهَم مِنْهَا. وَسَأَلَ الْعَبَّاس الْفضل بن الرّبيع حَاجَة، فقضاها لَهُ سَرِيعا كَمَا أَرَادَ، فَقَالَ لَهُ: جَزَاك الله خيرا، فَمَا فِي دون مَا أتيت بِهِ تَقْصِير وَلَا نقصانٌ، وَلَا فَوْقه إحسانٌ وَلَا رجحانٌ. وَوصف رجلا ثقيلًا، فَقَالَ: مَا الْحمام على الْأَحْرَار، وحلول الدّين مَعَ الإقتار، وَشدَّة السقم فِي الْأَسْفَار بآلم من لِقَائِه. وذم أَبَا عباد - وَهُوَ وَزِير - فَقَالَ: الذَّلِيل من اعتز بك، والحائن من اعتزى إِلَيْك، والخائب من أملك، والسقيم من استشفاك. وَكَانَ ابْنه عبد الله شَاعِرًا فصيحًا يشبه بِأَبِيهِ، ووقف على بَاب الْمَأْمُون يَوْمًا فَنظر إِلَيْهِ الْحَاجِب ثمَّ أطرق، فَقَالَ عبد الله لقومٍ مَعَه: إِنَّه لَو أذن لنا لدخلنا، وَلَو صرفنَا لانصرفنا، وَلَو اعتذرنا لقبلنا. فَأَما الفترة بعد النظرة، والتوقف بعد التعرف فَلَا أفهمهُ. ثمَّ تمثل: وَمَا عَن ضًا كَانَ الْحمار مطيتي ... وَلَكِن من يمشي سيرضى بِمَا ركب وَانْصَرف؛ فَبلغ الْمَأْمُون كَلَامه فصرف الْحَاجِب، وَأمر لعبد الله بصلَة جزيلة وَعشر دَوَاب. وَكتب إِلَى الْمَأْمُون: النَّاس ثلاثةٌ: رجلٌ ورث خلَافَة أَو احتقب بِقرَابَة، فَهُوَ من قليلها فِي كثيرٍ، وَمن صغيرها فِي كبيرٍ، أَو رجلٌ ولي ولَايَة فَأطلق لَهُ من عمالته وأرزاقه مَا لَو سَأَلَ الْجُزْء مِنْهُ من أَجزَاء كَثِيرَة علىغيرها لما أُجِيب إِلَيْهِ. أَو رجلٌ خف عِيَاله وَقل مَاله، فصغر قدره عَن إساءة وإحسان. فَهُوَ كالخردلة تقع بَين طبقي الرحا، فَلَا الطَّحْن ينالها، وَلَا سلامتها يعْتد بهَا. فَأَما من كَانَ عِيَاله ثلثمِائة إِنْسَان، لَا يرجع إِلَى أثاثٍ وَلَا متجرٍ وَلَا صناعةٍ وَلَا
1 / 269