86

Nataij Fikr Fi Nahw

نتائج الفكر في النحو للسهيلي

Publisher

دار الكتب العلمية

Publisher Location

بيروت

ولكن عدلوا في أكثر الكلام عنها إلى حرف (لم)، لوجوه منها: أنهم (قد) خصوا المستقبل بـ (لن)، فأرادوا أن يخصوا كذلك الماضي في النفي بحرف كما فعلوا بالمستقبل، لأن " لا "، لا تختص ماضيًا من مستقبل في النفي، ولا فعلًا دون اسم. ووجه آخر، وهو أن " لا " يتوهم انفصالها مما بعدها، إذ قد تكون نافية لما قبلها ويكون ما بعدها في حكم الوجوب، مثل قوله تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ) . وحتى لقد قيل في قول عمر ﵁: " لا نقضي ما تجانفنا فيه لإثم ": أن " لاا " ردع لما قبلها، و" نقض " واجب لا نفي. وكذلك قال بعض الناس في قوله ﵇: " لا تتراءى ناراهما ": أن " لا " ردع، وما بعدها واجب. لعمرى إن في لفظها إشارة لهذا المعنى، حيث كان بعد اللام فيها صوت مديد ينقطع في أقصى الحلق، راجع إلى خلف مخارج الحروف، بخلاف " لم " فإنها مشاركة لـ " لا " في " اللام " المفتوحة كما هي مشاركة لها في النفي. ثم فيها " الميم " وصوتها بين يدي الفم، ليكون هواء الكلمة إلى ما بعدها، ومعناها فيما يتصل بها لا فيما وراءها، كما كان ذلك جائزًا في " لا ". والله أعلم. ويؤيد هذا المعنى ويوضحه قلبهم لفظ الفعل الماضي بعد " لم " إلى لفظ المضارع حرصًا على الاتصال، وصرفًا لوجه الوهم عن ملاحظة الانفصال. فإن قيل: وما في لفظ المضارع مما يؤكد هذا المعنى؟ وليس هو والماضي سواء؟ قلنا: لا سواء لمن استبصر وأمعن في هذا الشأن، ونحر إلى هذه المسألة وكثيرًا من المسائل الواردة عليك على أصل التمهر، إلا أن ذلك فليس

1 / 109