فهذه كلها الآية الوزاردة في سفر أمثال سليمان (١٧: ١٧): "الخليل عند الشيق يضحي أخًا" وكقوله (١٨: ٢٢) "ربّ صديق أقرب علاقة من الأخ" وقوله (٢٧: ١٠): "جار قريبٌ خيرٌ من أخ بعيد" وقول ابن سيراخ (١٢: ٨): "لا يعرف الصديق في السراء ولا يخفى العدو في الضراء".
ومن أمثال العرب عن المشابهة بين الأقران والأخلاء قولهم (م٢: ١٩١): "المر بخليله" أي مقيس بخليله قال الميداني: "يروى عن النبي ﷺ " مثله لعلي (ص٨): "جليس المرء مثله" وله (ص١٠): "خليل المرء دليل عقله" وله (ص٣٠) "قرين المرء دليل دينه" ولطرفة الشاعر في معلقته:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه ... فكل قرين بالمقارن يقتدي
وكل ذلك في معنى قول سيلمان (أمثال ١٣: ٢٠): "مساير الحكماء يصير حكيمًا ومؤانس الجهلاء يصير شريرًا".
ومما قالوا في حفظ اللسان (م٢: ٢١١): "من أكثر أهجر" وقالوا: (م١: ١٤) "مقتل الرجل بين فكيه" وقول علي: "بلاء الإنسان من اللسان" وقوله: (ص٢٠) "صلاح الإنسان في حفظ اللسان" وقد قال قبلهم سليمان في أمثاله (١٠: ١٩) "كثرة الكلام لا نخلو من زلة ومن ضبط شفتيه فهو عاقل" وقال (١٣: ٣): "من ضبط فاه صان نفسه ومن فتق شفتيه فحظه الدمار" وقال: "١٨: ٧": "فم الجاهل دماره وشفتاه شرك نفسه" وقال (٢١: ٣٢): "من يحفظ فاه ولسانه يحفظ من المضايق نفسه" وللقديس يعقوب في رسالته (٣: ٢): "إن كان لا يزل في الكلام فهو رجل كامل" فكأن الشاعر عقد هذه الأمثال فقال:
احفظ لسانك أيها الإنسان ... لا يلدغنك إنَّه ثعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه ... كانت تهاب لقاءه الشجعان
ومن أمثال علي (ص١٨) "سمو المرء التواضع" فهو على شبه قول سليمان أمثال (١٥: ٣٣) "قبل المجد التواضع".
ومن أمثال العرب: "كل طير يأوي إلى جنسه" وقد سبق ابن سيراخ (١٣: ١٩) فقال: "كل إنسان يحب قريبه وكل حيوان يحب نظيره".
وروي بين أمثال علي وغيره من العرب قولهم: "رأس الحكمة مخافة الله" وأول من قال ذلك بلفظ داود لافي مزاميره (١١٠: ١٠) وابن سيراخ (١: ١٦) .
وروى سليمان في أمثاله (١: ٧): "مخافة الرب رأس العلم".
ومن أمثالهم (م١: ٩) "أن الحديد بالحديد يفلح" أو (م٢: ١٥٢): "لا يفل الحديد إلاّ الحديد" نظمه الشاعر فقال:
قومنا بعضهم يقتل بعضًا ... لا يفل الحديد إلاّ الحديدُ
وكان سليمان قد قال (أمثال ٢٧: ١٧): "الحديد يصقل الحديد".
ويقول العرب (م١: ١٢٧): "تضرَّع إلى الطبيب قبل أن تمرض" كأنهم أخذوه من قول ابن سيراخ (٣٨: ١): "اعط الطبيب كرامته لأجل فوائده (أي وقت المرض) ".
ومن أمثال العرب (م٢: ٢٢): "في التجارب علم مستأنف" وكان ابن سيراخ قال (٣٤: ١٠): "الذي لم يختبر يعلم قليلًا".
وكذلك قالوا ي النظر إلى العواقب (م٢: ٢٢): "في العواقب شافٍ أو مريح" ومثله قولهم (م٢: ١٢٨) ليس للأمور بصاحب من لم ينظر في العواقب، سبق أيضًا إليه ابن سيراخ قائلًا (٧: ٤٠) في جميع أعمالك اذكر عواقبك فلت تخطأ إلى الأبد.
ومن أمثال العرب (م٢: ٢٠٤) في الاستشارة: "ما هلك امرؤ عن مشورة" قاله ابن سيراخ (٣٢: ٢٤): "لا تعمل من غير مشورة فلا تندم على عملك".
ويقول العرب في أمثالهم (م٢: ٢١١): "من حفر مغواة وقع فيها" ومثله لحسان بن ثابت (حماسة البحتري ص٧١):
وكم حافرٍ حفرةً لامرئ ... سيصرعه البغي فيما احتفر
وكان داؤد قال في مزاميره (٧: ١٦) يصف الشرير: "كرى بئرًا وحفرها فسقط في الهوة التي صنع" ولسليمان ابنه (أمثال ٢٦: ٢٧): "من يحفر هوة يسقط فيها" راجع أيضًا سفر الجامعة (١٠: ٨) وابن سيراخ (٢٧: ٢٩) .
ولا يبعد أن يكون قول العرب في الخيبة (م٢: ٨٠): "كالقابض على الماء" منقولًا عن أمثال سليمان (٢٧: ١٦): "إنما يضبط على الريح ويقبض يمينه على زيت".
ومن أمثال العرب (أغاني ١٥: ١٢١): "التوبة تهب الحوبة" وقد تكرر هذا مرارًا في الأسفار المقدسة على صور شتى (راجع نبوة حزقيال ف١٤ و١٨) وفي أعمال الرسل (٣: ١٩) "توبوا وارجعوا تغفر خطاياكم".
ومن أمثالهم أيضًا (م١: ١٧): "إن من لا يعرف الوحي أحمق"، ومثله ورد في سفر الحكمة (١٣: ١): "إن جميع الذين لم يعرفوا الله حمق".
1 / 133