52

Nasikh Wa Mansukh

الناسخ والمنسوخ

Investigator

د. محمد عبد السلام محمد

Publisher

مكتبة الفلاح

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٨

Publisher Location

الكويت

بَابُ ذِكْرِ الْآيَةِ السَّابِعَةَ عَشْرَةَ قَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَأَتَمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] الْآيَةَ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بَعْدَ أَنْ أَحْرَمُوا بِالْحَجِّ فَفَسَخُوهُ وَجَعَلُوهُ عُمْرَةً وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي فَسْخِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الْحَجَّ بَعْدَ أَنْ أَهَلُّوا بِهِ إِلَى الْعُمْرَةِ فَقَالُوا فِيهِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ: كَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، ﵀ أَنَّهُ قَالَ فِي ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦]: «إِتْمَامُهُمَا أَنْ لَا يُفْسَخَا وَقَدْ قِيلَ فِي إِتْمَامِهِمَا غَيْرُ هَذَا»
كَمَا قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنْ أَبِي الْأَزْهَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ ⦗١٢٧⦘ عَنْهُ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٩٦] قَالَ: «أَنْ تُحْرِمَ مِنْ دُوَيَّرِةِ أَهْلِكَ» وَقَالَ سُفْيَانُ: «إِتْمَامُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ تَخْرُجَ قَاصِدًا لَهُمَا لَا لِتِجَارَةٍ»، وَقِيلَ: إِتْمَامُهُمَا أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ حَلَالًا وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَإِبْرَاهِيمُ: «إِتْمَامُهُمَا أَنْ يَفْعَلَ فِيهِمَا كُلَّ مَا أُمِرَ بِهِ، وَهَذَا قَوْلٌ جَامِعٌ» وَذَهَبَ أَبُو عُبَيْدٍ إِلَى أَنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ مَنْسُوخٌ بِمَا فَعَلَهُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشُدُونَ الْمَهْدِيُّونَ أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ ﵃؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْسَخُوا حَجَّهُمْ وَلَمْ يَحِلُّوا إِلَى يَوْمِ النَّحْرِ فَهَذَا قَوْلٌ فِي فَسْخِ الْحَجِّ: إِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَالْقَوْلُ الثَّانِي إِنَّ فَسْخَ الْحَجِّ إِنَّمَا كَانَ لِعِلَّةٍ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَرَوْنَ أَنَّ ذَلِكَ عَظِيمٌ فَأَمَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِفَسْخِ الْحَجِّ وَتَحْوِيلِهِ إِلَى الْعُمْرَةِ لِيَعْلَمُوا أَنَّ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ جَائِزَةٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَجَنَّبُونَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَهِيَ شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَذُو الْحَجَّةِ فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «شَوَّالُ وَذُو الْقِعْدَةِ وَعَشْرٌ مِنْ ذِي الْحَجَّةِ» وَالْقَوْلَانِ صَحِيحَانِ؛ لِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: جِئْتُكَ رَجَبًا وَيَوْمَ الْجُمُعَةِ وَإِنَّمَا جَئتَ فِي بَعْضِهِ فَذُو الْحَجَّةِ شَهْرُ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ فِيهِ

1 / 126