149

Nasikh Wa Mansukh

الناسخ والمنسوخ

Investigator

د. محمد عبد السلام محمد

Publisher

مكتبة الفلاح

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٠٨

Publisher Location

الكويت

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠] قَالَ: " خَاصَمَ رَجُلٌ إِلَى شُرَيْحٍ فِي دَيْنٍ لَهُ فَقَالَ آخَرُ يُعَذِّرُ صَاحِبَهُ إِنَّهُ مُعْسِرٌ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠] فَقَالَ شُرَيْحٌ كَانَ هَذَا فِي الرِّبَا وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْأَنْصَارِ وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: ٥٨] وَلَا يَأْمُرُنَا اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ بِشَيْءٍ ثُمَّ نُخَالِفُهُ احْبِسُوهُ إِلَى جَنْبِ السَّارِيَةِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ" وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ عَامَّةٍ فِي جَمِيعِ النَّاسِ وَكُلُّ مَنْ أَعْسَرَ أُنْظِرَ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَسَنِ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ ⦗٢٦٤⦘ وَعَارَضَ فِي هَذِهِ الْأَقْوَالِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِأَشْيَاءَ مِنَ النَّظَرِ وَالنَّحْوِ وَاحْتَجَّ بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فِي الرِّبَا قَالَ لِأَنَّ الرِّبَا قَدْ أُبْطِلَ فَكَيْفَ يُقَالُ فِيهِ ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٠] وَاحْتَجَّ مِنَ النَّحْوِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي الرِّبَا لَكَانَ وَإِنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ لِأَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَلَمَّا كَانَ فِي السَّوَادِ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ عُلِمَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ مِنَ الْأَوَّلِ عَامٌّ لِكُلِّ مَنْ كَانَ ذَا عُسْرَةٍ وَكَانَتْ كَانَ بِمَعْنَى وَقَعَ وَحَدَثٌ كَمَا قَالَ [البحر الطويل] فِدًى لِبَنِي ذُهْلِ بْنِ شَيْبَانَ نَاقَتِي ... إِذَا كَانَ يَوْمٌ ذُو كَوَاكِبَ أَشْهَبُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَهَذَا الِاحْتِجَاجُ ظَاهِرُهُ حَسَنٌ فَإِذَا فَتَّشْتَ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْ وَذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ الرِّبَا قَدْ أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَالْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ قَدْ أَبْطَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى صَحِيحٌ إِنْ كَانَ يُرِيدُ أَلَّا يَعْمَلَ بِهِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ ﴿فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالَكُمْ﴾ فَمَا الَّذِي يَمْنَعُ أَنْ يَكُونَ الْإِعْسَارُ فِي مِثْلِ هَذَا وَأَمَّا احْتِجَاجُهُ بِالنَّحْوِ فَلَا يَلْزَمُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ ذُو عُسْرَةٍ وَقَدْ حَكَى النَّحْوِيُّونَ الْمَرْءُ مَقْتُولٌ بِمَا قُتِلَ بِهِ إِنْ خِنْجَرٌ فَخِنْجَرٌ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ فِيهِ غَيْرُ هَذَا وَأَحْسَنُ مَا قِيلَ فِي الْآيَةِ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالضَّحَّاكِ قَالَا: «هِيَ فِي ⦗٢٦٥⦘ الرِّبَا وَالدَّيْنِ فِي كُلِّهِ» فَهَذَا قَوْلٌ يَجْمَعُ الْأَقْوَالَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَاسِخَةً عَامَّةً نَزَلَتْ فِي الرِّبَا ثُمَّ صَارَ حُكْمُ غَيْرِهِ كَحُكْمِهِ وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ رَوَى يَزِيدُ بْنُ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَزَلَتْ فِي الرِّبَا وَهَذَا تَوْقِيفٌ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ مِمَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ بِقِيَاسٍ وَلَا رَأْيٍ لِأَنَّهُ خَبَّرَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ فَأَمَّا ﴿وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٨٠] فَجَعَلَهُ قَتَادَةُ عَلَى الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ، وَقَالَ السُّدِّي عَلَى الْمُعْسِرِ وَهَذَا أَوْلَى لِأَنَّهُ يَلِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ التَّاسِعَةِ وَالْعِشْرِينَ فَجَاءَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا عَنِ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي

1 / 263