منهما شيعته وأنصاره، والعيون لهما رامقة، فكانت المناظرات بينهما دائبة، والغلب بينهما سجالا، ورحمة الله على الجميع.
كانت نهاية هذا الطور الثالث "طور النضوج والكمال" في أخريات القرن الثالث الهجرى بعد أن توافد الفريقان على بغداد أرسالا١ وهجرا المصرين٢ عندما كثرت فيهما الاضطرابات، وتوالت المحن من الزط٣ والقرامطة٤ والزنوج وعدا عليهما حدثان الدهر بعد أن أبليا في سبيل هذا العلم بلاء حسنا خلده لهما الدهر في صحائفه، ومع ذلك فقد ظلت الحزبية قائمة إلا أنها آخذة في الاضمحلال فإن توحيد الوطن بينهما واتصالهما بالخلفاء والأمراء والشعب البغدادي عاملان على تقويض دعائم الخلاف بينهما.
وإنه لما يجمل بنا هنا أن نذكر كلمة موجزة تتعلق بالطورين الأخيرين "الثاني والثالث" نعرض فيها بعض المناظرات والمجالسات النحوية التي جرت بين البلدين فإنها حدثت فيهما فكانت سببا في آثارها المترتبة عليها.
_________
١ جمع رسل بفتحتين وهو القطيع من كل شيء.
٢ البصرة والكوفة.
٣ الزط: جيل من الهند، وقيل من السودان طوال الأجسام.
٤ القرامطة: جيل، الواحد قرمطي.
1 / 41