أطوار النحو الأربعة
مدخل
...
أطوار النحو الأربعة:
وعلى ضوء هذا التاريخ قد اعتبرنا أطواره أربعة:
طور الوضع والتكوين "بصري"، طور النشوء والنمو "بصري، كوفي"، طور النضوج والكمال "بصري، كوفي"، طور الترجيح والبسط في التصنيف "بغدادي وأندلسي ومصري وشامي".
على أنه ليس في الاستطاعة وضع حد توقيتي ينفصل به كل طور عما يسبقه أو يعقبه، فإن الأطوار لا بد من تداخلها، وسريان بعض أحكام سابقها على لاحقها، كما أنه لا مناص من تسرب شيء مما في تاليها على بادئها، فغير ممكن أن يوجد الطور دفعيا وإنما تلده المؤثرات التي تسبقه وتمهد له، وهي بالطبع في غيره، إلا أنها لما تكاثرت وتزايدت حتى بدا للعلم بمقتضاها طابع آخر غير الطابع السابق عليه استوجبت جعله في طور آخر جديد، ولا يكون ذلك التمييز الظاهر إلا بعد انقضاء زمن المداخلة بين الطورين وعلى هذا الأساس فإن تحديد هذه الأطوار إلى التقريب أقرب منه إلى التحقيق، وبدهي أن تحديدها بالأشخاص على ما سبق يعود إلى طبقاتهم التي يمثلونها، وستعرف هذه الطبقات مرتبة بحسب الزمن مع تراجم علمائها كلهم، وإننا سنكتفي في هذا التحديد بالأشخاص المبرزين المعلمين فقط للاختصار.
الأول: طور الوضع والتكوين "بصري" هذا الطور من عصر واضع النحو أبي الأسود إلى أول عصر الخليل بن أحمد، وقد سلف أن وضعه انتهى في عصر بني أمية. هذا هو الطور الذي استأثرت به البصرة صاحبة الفضل في وضعه وتعهده في نشأته، والكوفة منصرفة عنه بما شغلها من رواية الأشعار والأخبار والنوادر زهاء١ قرن، اشتغل فيه طبقتان من البصريين بعد أبي الأسود حتى تأصلت أصول منه كثيرة، وعرفت بعض أبوابه. فإن الطبقة الأولى التي أخذت عن أبي الأسود استمرت في تثمير ما تلقته عنه ووفقت إلى استنباط كثير من أحكامه وقامت بقسط في نشره وإذاعته بين الناس وكان من أفذاذ هذه الطبقة عنبسة بن معدان الفيل، ونصر بن عاصم الليثي، وعبد الرحمن بن هرمز، ويحيى بن يعمر العدواني، ولم يدرك أحد من رجال هذه الطبقة الدولة العباسية. _________ ١ زهاء قرن: قدره.
الأول: طور الوضع والتكوين "بصري" هذا الطور من عصر واضع النحو أبي الأسود إلى أول عصر الخليل بن أحمد، وقد سلف أن وضعه انتهى في عصر بني أمية. هذا هو الطور الذي استأثرت به البصرة صاحبة الفضل في وضعه وتعهده في نشأته، والكوفة منصرفة عنه بما شغلها من رواية الأشعار والأخبار والنوادر زهاء١ قرن، اشتغل فيه طبقتان من البصريين بعد أبي الأسود حتى تأصلت أصول منه كثيرة، وعرفت بعض أبوابه. فإن الطبقة الأولى التي أخذت عن أبي الأسود استمرت في تثمير ما تلقته عنه ووفقت إلى استنباط كثير من أحكامه وقامت بقسط في نشره وإذاعته بين الناس وكان من أفذاذ هذه الطبقة عنبسة بن معدان الفيل، ونصر بن عاصم الليثي، وعبد الرحمن بن هرمز، ويحيى بن يعمر العدواني، ولم يدرك أحد من رجال هذه الطبقة الدولة العباسية. _________ ١ زهاء قرن: قدره.
1 / 32