168

Naṣb al-rāya li-aḥādīth al-hidāya

نصب الراية لأحاديث الهداية

Editor

محمد عوامة

Publisher

مؤسسة الريان للطباعة والنشر ودار القبلة للثقافة الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت وجدة

- وَهُوَ ﵇ غَيْرُ مُسَافِرٍ لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ يُرِيدُهُمْ، فَهُوَ فِي حُكْمِ اسْتِعْمَالِهِ لَهُ بِمَكَّةَ، فَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ فِي حَالِ وُجُودِ الْمَاءِ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ ثَبَتَ طَرْحُهُمْ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَهُوَ النَّظَرُ عِنْدَنَا. انْتَهَى كَلَامُهُ مُلَخَّصًا مِنْ شَرْحِ الْآثَارِ.
وَقَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ: إنَّ فِي الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا، وَفِي التَّارِيخِ جَهَالَةً، وَلَيْلَةُ الْجِنِّ كَانَتْ غَيْرَ وَاحِدَةٍ، وَالْحَدِيثُ مَشْهُورٌ عَمِلَتْ بِهِ الصَّحَابَةُ، وَنُقِلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِآيَةِ التَّيَمُّمِ لِأَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَلَيْلَةُ الْجِنِّ كَانَتْ بِمَكَّةَ، انْتَهَى. أَمَّا الِاضْطِرَابُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ شَهِدَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَرُوِيَ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ، وَأَمَّا جَهَالَةُ التَّارِيخِ، فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ أَهْلَ السِّيَرِ ذَكَرُوا أَنَّ قُدُومَ وَفْدِ نَصِيبِينَ كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَحْوِ ثَلَاثِ سِنِينَ، قَالَ السُّرُوجِيُّ: وَقَوْلُهُ: لَيْلَةُ الْجِنِّ يُوهِمُ أَنَّهَا كَانَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يُنْقَلْ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ، وهذا فيه نظر تقرّرعند مُسْلِمٍ١ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ، وَأَمَّا كَوْنُهُ مَشْهُورًا، فَلَيْسَ يُرِيدُ الْمَشْهُورَ الِاصْطِلَاحِيَّ، وَأَمَّا عَمَلُ الصَّحَابَةِ فَفِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ٢ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَرَّرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: النَّبِيذُ وَضُوءُ مَنْ لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ الْحَارِثِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ، وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ مَزِيدَةَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: لَا بَأْسَ بِالْوُضُوءِ بِالنَّبِيذِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ٣ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ ثَنَا قَيْسُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ لِابْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ: "مَعَكَ مَاءٌ؟ " قَالَ: لَا، إلَّا نَبِيذٌ فِي سَطِيحَةٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ وَمَاءٌ طَهُورٌ صُبَّ عَلَيَّ" فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ فَتَوَضَّأَ بِهِ، انْتَهَى. وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْنَدُ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنَّ الطَّبَرَانِيَّ فِي مُعْجَمِهِ٤ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَذَلِكَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَلَفْظُهُمَا بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ وَضَّأَ النَّبِيَّ ﷺ لَيْلَةَ الْجِنِّ بِنَبِيذٍ، فَتَوَضَّأَ، وَقَالَ "مَاءٌ طَهُورٌ"، انْتَهَى. قَالَ الْبَزَّارُ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ، لِأَنَّ ابْنَ لَهِيعَةَ كَانَتْ كُتُبُهُ قَدْ احْتَرَقَتْ، وَبَقِيَ يَقْرَأُ مِنْ كُتُبِ غَيْرِهِ، فَصَارَ فِي أَحَادِيثِهِ مَنَاكِيرُ، وَهَذَا مِنْهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيُنْظَرُ لَفْظُهُ.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ، مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مَجَاعَةَ عَنْ أَبَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إذَا لَمْ يَجِدْ أحدكم ماءًا وَوَجَدَ النَّبِيذَ فَلْيَتَوَضَّأْ بِهِ"،

١ باب الجهر في القراءة في الصبح ص ١٨٤- ج١.
٢ ص ٢٨، والبيهقي ص ١٢، وتكلما على الأسانيد.
٣ أخرجه ابن ماجه في الطهارة ص٣٢، والطحاوي: في ص٥٧.
٤ وكذا أخرجه أحمد في مسنده ص٣٩٨ عن ابن عباس عن ابن مسعود.

1 / 147