102

Naṣb al-rāya li-aḥādīth al-hidāya

نصب الراية لأحاديث الهداية

Editor

محمد عوامة

Publisher

مؤسسة الريان للطباعة والنشر ودار القبلة للثقافة الإسلامية

Edition Number

الأولى

Publication Year

1418 AH

Publisher Location

بيروت وجدة

وَأَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: "إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي قِصَّةٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ يوم الاثنين إلى قبا، حَتَّى إذَا كُنَّا فِي بَنِي سَالِمٍ وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلَى بَابِ عِتْبَانَ فَصَرَخَ بِهِ، فَخَرَجَ يَجُرُّ إزَارَهُ، فَقَالَ ﵇: "أَعْجَلْنَا الرَّجُلَ" فَقَالَ عِتْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يُعْجَلُ عَنْ امْرَأَتِهِ، وَلَمْ يُمْنِ مَاذَا عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ"، انْتَهَى. وَهَذَا السِّيَاقُ يَدْفَعُ رِوَايَةَ مَنْ رَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ ﵇: "الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" إنَّمَا كَانَ فِي الِاحْتِلَامِ، رواهما الترمذي في كتبه فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٌ نا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ فِي الِاحْتِلَامِ، انْتَهَى. وَأَسْنَدَ عَنْ وَكِيعٍ، قَالَ: لَمْ نَجِد هَذَا الْحَدِيثَ إلَّا عِنْدَ شَرِيكٍ، وَاسْمُ أَبِي الْجَحَّافِ دَاوُد بْنُ أَبِي عَوْفٍ قَالَ الثَّوْرِيُّ: كَانَ مُرْجِئًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: إنَّمَا قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ": فِي الِاحْتِلَامِ انْتَهَى.
الْكَلَامُ عَلَى نَسْخِ هَذَا الْحَدِيثِ، اعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ حَدِيثٌ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ مَفْهُومَهُ عَدَمُ الْغُسْلِ مِنْ الْإِكْسَالِ، بَلْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ صَرِيحًا مِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، أَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أَيُّوبَ عَنْهُ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنْ الرَّجُلِ يُصِيبُ مِنْ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَكْسُلُ، فَقَالَ: "يَغْسِلُ مَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَرْأَةِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ١. وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ ذَكْوَانَ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَرْسَلَ إلَيْهِ، فَخَرَجَ وَرَأْسُهُ يقطر ماءًا فَقَالَ: "لَعَلَّنَا أَعْجَلْنَاكَ؟ " فَقَالَ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: "إذَا عُجِّلْتَ أَوْ أقحطت٢ فَلَا غُسْلَ عَلَيْكَ، وَعَلَيْكَ الْوُضُوءُ" انْتَهَى.
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَلِلنَّاسِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى نَسْخِهَا طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: بِالْأَحَادِيثِ. وَالثَّانِي: رُجُوعُ مَنْ رَوَى عَنْ النَّبِيِّ ﷺ الْحُكْمِ الْأَوَّلَ.
أَمَّا الْأَحَادِيثُ: فَمِنْهَا: مَا ذُكِرَ فِيهَا النَّسْخُ، وَمِنْهَا مَا لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا، فَاَلَّتِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهَا النَّسْخُ، بَلْ فِيهَا الْغُسْلُ فَقَطْ، حَدِيثَانِ: أَحَدُهُمَا: مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْآخِرُ: مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُوسَى،

١ في باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين ص ٣٠.
٢ وفي نسخة قحطت.

1 / 81