والغزالي كما علمت وعلم الكل امام عظيم من علماء المسلمين ومحقق كامل من محققيهم ولنا به القدوة والاسوة الحسنة في سلوك طريقته واتباع ارشاداته غير ان الانسان - الا النبيين - وان جل شأنه وعظم مقداره ليس بمعصوم من هفوة أو حطاء في اجتهاد ولايجوز لمن عرف حقا بأدلته الواضحة ان يقلد غيره وان جل شأله في خلاف ما عرفه من الحق ولو كان التقليد المحض في كل شئ مجد عند الله تعالى شيئا لكان الامام الغزالي من أولى من تقلده في ذلك وحينئذ نقول ولا استحياء من الحق ولا هواة في الدين أن هذه هفوة منه رحمه الله لا يجوز لنا الاعتماد عليها ولا اتباعه فيها ولو جاز الاستدلال بهفوات العلماء والاكابر لعظم الخطب وانقلب الحق ظهرا لبطن وقد مر بك قريبا ما يخالف مدعاه ممما اوردناه من كلام الله تعالى وأقوال رسول الله صلى الله عليه وآله وافعاله ومن أقوال الاكابر من الصحابة والتابعين وكثير بعدهم فأرجع إليه. قال الامام الشافعي رحمه الله تعالى اجمع الناس على ان من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن له ان يدعها لقول احد وقال صاحب الهداية سئل ابوحنفية رحمه الله إذا قلت: قولا وكتاب الله يخالفه قال أتركوا قولي بكتاب الله قيل إذا كان خبرا لرسول الله صلى الله عليه وآله يخالفه قال: اتركوا قولي بقول الصحابة فضلا عن قول الرسول صلى الله عليه وآله (اتنهي). اما قول الغزالي رحمه الله ففي لعن الاشخاص خطر فمبنى على جملة نهى النبي عليه وعلى آله الصلوة والسلام عن لعن حمار المحب لله ورسوله علي النهي عن لعن المعين وقد علمت مرجوحية هذا الحمل بل فساده مما قدمناه وأي خطر في لعن من استحق اللعن بما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله سواء كان بالشخص أو الوصف إذ الذات الواقع عليها اللعن بكل منهما واحدة.
--- [ 34 ]
Page 33