وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم وقالوا سيدنا وترضوا عنه حيث ذكر كما يترضى عن الصالحين وما مثلهم في ذلك الا كمثل رجل ذي سلطان وجبروت رآه بعض اهل الصلاح خارجا من مأخور الخمار متمائلا تفوح من فيه وثيابه روائح الراح وكان مع ذلك الصالح تلامذة خاف عليهم فتنة ذلك الجبار واعوانه ان خاضوا في امر ذلك الجبار وبينوا سيرته للعامة فسكت ذلك الصالح وامرهم بالسكوت عن ذكر المخازي فما لبث اولئك التلامذة ان قالوا لم يأمرنا الاستاذ بالسكوت عن ذلك الا لما يعلمه من حال ذلك السلطان انه من اهل الدين والفضل لانه انما دخل المأخور لازالة المنكرات وتكسير آنية الخمر ووعظ اهل الحانة وزجرهم ولذلك تضمخت ثيابه بالخمر وفاحت رائحتها منه فهو من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر والقائمين بالقسط والعدل. (ما احمق) هؤلاء القوم يسارعون للذب عن هذا الطاغية فيتأولون له التأويلات البعيدة الفاسدة الضعيفة ويعمدون إلى سيئاته القبيحة المواضحة الفاضحة المتواترة فينكرون منها ما امكن انكاره ويبدلون الجانب الآخر بتلك التأويلات حسنات يمدحونه عليها ويطرونه بها ويفتاتون على الله تعالى في إثبات اثابته عليها ويظنون حينئذ انهم رتقوا بذلك فتقا في دين الله وانهم قد جمعوا الامة على الهدى وصانوا العامة عن الخوض فيما لا يجوز بزعمهم من ذكر مساوي ذلك الطاغية واعوانه انهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون تصرفوا كيف شاؤا وشوهوا وجوه المعاني تحاشيا عن ما يحط من مقدار ذلك الجبار في اعين المؤمنين كأنه لم يبلغهم ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيما اخرجه الطبراني قال : حتى متى ترعون عن ذكر الفاسق اهتكوه يحذره الناس. واورده السيد محمود الالوسي في الاجوبة العراقية بعد ان صححه بلفظ اذكروا الفاسق بما فيه يحذره الناس ولم
--- [ 151 ]
Page 150