Naql Ila Ibdac Card
من النقل إلى الإبداع (المجلد الثاني التحول): (١)
Genres
80
ومع الكتاب المدون هناك تجارب الرصد. فالكتاب وحده ليس مصدرا للعلم بل الواقع والتجربة. ويراجع ابن سينا المصدرين، المدون على التجربة. التجربة مصدر التحقق. وقد تكون المراجعة لآلات الرصد عند بطليموس. وحين المراجعة يسهل على ابن سينا ما عسر على الآخرين. ويشير ابن سينا إلى باقي الأرصاد فكانت المراصد موجودة في العالم الإسلامي، ويتحدث عن عدة آلات مثل الشاقول والأسطرلاب مما يدل على أن الفلك علم تجريبي. ويجمع بين القياس الكمي والقياس الكيفي، بين التجربة والنظر. وقد كان الفلك مختلطا بالتنجيم في البداية حتى تطور العلم وتحول إلى علم دقيق. ويسمى التنجيم «علم أحكام النجوم». نقده الكندي والفارابي وابن سينا وابن حزم وابن طفيل.
81
ومع ذلك يعرض ابن سينا للغرض العام والقصد الكلي للمجسطى أو لأصول إقليدس دون شرح أو تلخيص عبارة عبارة أو فقرة فقرة أو مقالا مقالا كما هو الحال في الجوامع عند ابن رشد. قد يكون للكتاب أكثر من غرض تتساوى فيما بينها أو غرض بالقصد الأول وغرض آخر بالقصد الثاني وكأننا في مرحلة الفارابي في العرض، تحقيق غرض أرسطو في كتاب ما بعد الطبيعة.
82
وبالرغم من أن ابن سينا يبدأ الفقرة أو الفصل دون عبارة تمهيدية لوضع الشيء أو بيان المقصود منه، مجرد فقرة «أسمنتية» تؤخذ أو ترفض مما يجعل العرض أقرب إلى المذهب منه إلى المنهج، إلا أن هناك عبارات أخرى تكشف عن مسار فكر ابن سينا، بداية ووسطا ونهاية. فابن سينا يقدم موضوعه بداية، ثم يستمر في عرضه ثم يبين استنتاجاته، مستدركا على اللاحق بالسابق. يوضح ابن سينا ويبين أنه يعالج الموضوع ولا ينقل القول أو يكرره. يشعر بالاستطراد وفتح القوسين ثم يعود إلى الموضوع من جديد. ويقوم بالمراجعة والتصحيح وكأنه دارس مستقل وليس عارض بضاعة. ويسأل الأصدقاء العفو من الزلل، ويعتذر عن الخطأ مما يدل على التواضع بالرغم من الطابع النسقي المذهبي الكلي. فلا يستطيع الحكيم أن يكون متخصصا في وعالما بكل شيء.
83
كما يصف أفعال الشعور عند بطليموس محللا إياها وشارحا أسباب تعجبه والحكم عليها بل ويزيد ابن سينا من درجة التعجب مثل ذكر، جعل، اختار، استرذل.
84
كما يصف أفعال الإيضاح مثل أوضح، بين، أظهر، كشف. وإذا ما صحح بطليموس شيئا فإن ابن سينا يدرك فعل التصحيح؛ لأنه عالم بتاريخ الآراء في الموضوع.
Unknown page